هذه تفاصيل معركة الأمتار الأخيرة حول مدونة الأسرة في المغرب؟

4 أبريل 2024آخر تحديث :
هذه تفاصيل معركة الأمتار الأخيرة حول مدونة الأسرة في المغرب؟

منذ استقبال عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، السبت، أعضاء الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة وتسلم مقترحات الهيئة قصد رفعها إلى نظر الملك محمد السادس، لم تتوقف عملية “شد الحبل” في النقاش العمومي المغربي. كل جهة، حداثية أو محافظة، أفرزت ما يعتمل في جوفها من توقعات، بخصوص “النسخة النهائية”، والمكتسبات التي تتضمنها والتيار المجتمعي الذي سيعثر على “ما يعبر عنه” داخلها بشكل استراتيجي.

ولم تكن النقاشات بين التيارين “هادئة”، حيث استثمر كل طرف ما “يملك” من اللغة والقدرة على التوقع للحديث عن “محتويات المقترحات النهائية” والكيفية التي عالجت بها الهيئة سالفة الذكر التحولات البنيوية والعلائقية في المجال الأسري للمجتمع المغربي؛ وذلك بعد طرح “إشكالات العمل بمدونة سنة 2004″، التي دفعت الملك محمد السادس ليراسل رئيس الحكومة، قصد إعادة النظر فيها.

“إصلاح تحديثي”
الحسن الإدريسي، رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، قال إن “مقترحات الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، التي تسلمها رئيس الحكومة قصد رفعها لنظر الملك محمد السادس، لا يمكن أن تأتي خارج الأصل الذي أريدت له: الإصلاح”، معتبرا أن “التفكير في إعادة النظر فيها، منذ البداية، يبين أن هناك اختلالات، لاسيما على مستوى التنزيل القضائي. وهذه الاختلالات كان لا بد من إصلاحها؛ كالنيابة القانونية على الأبناء، والحضانة، وتزويج القاصرات، وغير ذلك”.

ووضح الإدريسي، أن “الإصلاح لا محالة سيصب في مسار استدماج التحولات التي يعرفها المجتمع. وهذا التصور يتقوى بالنفس الديمقراطي التشاركي الذي طبعَ عملية المراجعة من خلال الاستماع إلى كل الحساسيات والمرجعيات الموجودة في السياق العمومي والسياسي المغربي”، متمنيا أن “تستوعب هذه النسخة من المدونة المرفوعة إلى الملك كل الملاحظات التي كانت تتضمن حيفا ما، حتى لو نظرنا لها خارج نقاش المرجعية”.

وبخصوص مسألة المساواة في الإرث، توقع المتحدث عينه أن “يتم ذلك بالتدرج”، مؤكدا أن “البداية يجب أن تكون بالتخلي عن التعصيب الذي تسبب في العديد من الإشكالات”، وأضاف: “هناك مقترحات لها نوع من الراهنية، ومن الأساسي جدا معالجتها، رغم أن الحسم النهائي بيد الملك الآن الذي أطر هذا النقاش منذ بدايته، وحدد معالمه، ونحن لدينا كامل الثقة بأن الوثيقة ستصاحب ما نعيشه ولن تعود بنا إلى الوراء عموما”.

وتمنى رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ألا “تتضمن المدونة الجديدة أية إحالات ولا استثناءات، أو أي حيف جديد تجاه المرأة”، مشددا على انتماء هذا “الحلم الحداثي” إلى “النفس الإصلاحي الذي تعرفه منظومة العدالة في المغرب، والتي تساير مجمل ما هو متاح في الوقت الراهن”، وختم قائلا: “المدونة هي استيعاب لحركية المجتمع بكامله؛ ومكونات هيئة مدونة الأسرة وطريقة الاستماع أكدت أننا قطعنا شوطا في هذا الباب”.

“مسيرات مليونية”
خديجة مفيد، رئيسة مركز الدراسات الأسرية والبحث في القيم والقانون، قالت إنها “متفائلة ولكن نسبيا”، مضيفة: “نحن نعرف توجه هذه الحكومة نحو تحييد الدين من فضاء الحياة الأسرية”، ومسجلة أن “عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، صرح، في سياق ما، بأن حكومته أتت للتمكين لحداثة المجتمع؛ وهذا يجعلنا نتوقع الأسوأ بخصوص هذه المدونة، بما أننا نعرف اتجاه السلطة التنفيذية في جميع الاختيارات والتشريعات والتوجهات نحو ما تعتبره استكمالا للحداثة”.

وأضافت مفيد، أن “إعلان الابتعاد عن الدين كمرجعية في التشريع وفي تأطير السياسات العمومية للبلد يوضح النتيجة، خصوصا أن الموطن الأخير لأحكام الشريعة التي يتمسك بها غالبية المغاربة هو النطاق الأسري”، غير مُستبعدة أن “يخرج هذا الشعب في مسيرات مليونية مرة أخرى إذا تم إخراج مدونة تحيد المرجعية الدينية. المغربي سيد نفسه ومتشبث بدينه وباختياراته ومساراته”.

وتابعت شارحة: “تبدو الأمور مفهومة حين نستحضر ما قاله رئيس الحكومة أخنوش في سياقه، وحين نستحضر المسار الذي يسير فيه المغرب في مجموعة من الاختيارات ضدا على إرادة الشعب ومعتقداته النهائية، استجابة لنخبة قليلة تمارس جميع الضغوطات وتستند إلى المنتظم الدولي وإلى مرجعية حقوق الإنسان”، معتبرة أن “هذه المنظومة تعرت اليوم، في الوقت الذي تنظر لها مجموعات خلاصا لجميع المشاكل التي تعرفها البنية الاجتماعية والأسرة”.

وتفاعلا مع سؤال حول “هل يمكن للحكومة أن تخرج عن المرجعية التي حددها الملك قبل انطلاق عملية مراجعة المدونة؟”، أوضحت المتحدثة سالفة الذكر أن “الملك هو الذي يمكنه البت في الأمور التي يمكن أن تكون نقيضا لمبادئ إمارة المؤمنين والتي تسعى الحكومة إلى زرعها في قلب هذا التشريع”، داعية إلى “رفض أي علمنة قسرية للمجتمع واحترام قرار المغاربة من خلال عدم الاستسلام تماما لإكراهات المنظومة الدولية وإملاءات الالتزام بالعهد الدولي”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق