أنا أبحث عن فلسطيني فدلوني عليه من فضلكم!

9 أكتوبر 2023آخر تحديث :
أنا أبحث عن فلسطيني فدلوني عليه من فضلكم!

أريفينو : 09 أكتوبر 2023

بقلم أبو أمين.

منذ أكثر من 25 قرنا حمل الفيلسوف ديوجانس مصباحه في عز النهار، وتاه يبحث بين دروب أثينا وأزقتها باحثا عن “إنسان”، ولم ينتبه الى كل البشر الذي كان يحوم حوله، ولم يكتف بنور الشمس في سماءها فأشعل مصباحا للإضاءة. وسار الزمان، وتعاقبت الأجيال، وتعددت الدول، وظل الإنسان يبحث عن إنسان.

وليلة أول أمس السابع من اكتوبر 2023، خرجت كتائب القسام من كل جانب في منطقة غزة، واخترقت كل الأسوار الموشحة بكاميرات المراقبة والاستشعار الذكي، وفي رمشة عين قطعت 50 كيلومترا، لتوقظ الإسرائيليين من غفلتهم، و تخبرهم بأن الأرض التي يسكنوها ليست لهم.

نعم، فعلتها حماس وكتائب القسام، وحققتا شيئا لم يحققه الفلسطينيون منذ نزعت منهم أراضيهم، فانتصروا وانهار أعداءهم الذين “ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله”. بل إن الكتائب اخترقت ارض إسرائيل من كل مكان: من السماء والبر والبحر. فقتلوا المئات من أهلها، وأصابوا الآلاف وأسروا العشرات. ولكن العالم لم ينتبه الى هذه الانتصارات، ولم يسجل سوى شيئا واحدا، وهو أن حماس استعارت أسلوب جماعة داعش، الذي لا يمت للإسلام بصلة، فقتلت المدنيين ونكلت بهم ومثلت بجثتتهم، أما العسكريون فسواء فمن اعتقل أو تعرض للقتل كانا مسلحين والسلام.

جالت الصور عبر العالم، وكانت كلها صور تجسد سلوك الهمجية والبربرية والعنصرية والعصبية والتطرف، فتعبأ العالم بين ليلة وضحاها خلف إسرائيل، التي كانوا منذ فترة قصيرة يلومونها عن أفعالها في المسجد الأقصى. وتعبأ الإسرائيليون خلف رئيس وزرائهم وهم الذين كانوا يتظاهرون في الشارع العام، ضد سياسته، ومشاريعه القانونية. وتبوأ الصهاينة العنصريون مكانتهم داخل المجتمع اليهودي الرافض لاستفزازاتهم، بل أظهروا قوتهم داخل حكومة إسرائيل، فقرر الجميع شن الحرب على غزة، وهي حرب ضد المدنيين الذين ستخرب ديارهم، وييتم أطفالهم، وتشرد أسرهم…ولا حول ولاقوة إلا بالله.

بين ليلة وضحاها أصبحت إسرائيل ضحية، واصبح الشعب الفلسطيني المسلوب الديار همجيا، وبين ليلة وضحاها لطخت صورة المقاومة بالقطران الأسود.

إن الأسئلة التي طرحت ويجب على التاريخ القادم أن يجد أجوبة واضحة عليها هي: من الذي تآمر مع حماس كي يمنح كل هذه الهدايا لدولة إسرائيل ولرئيس وزرائها ولحكومتها العنصرية التي لم تتوقف عن استفزاز مشاعر المسلمين في بيت المقدس؟ هل اخترقت الصهيونية حركة حماس بعميل جد ذكي ومتمرس ليغرر بها ويوهمها انها ستخلق انتصارا تاريخيا؟ من الذي خطط لهذه العملية، ورتب لها، ولم يحدد هدفا نهائيا لنتيجتها؟

إن ما كانت تحلم به إسرائيل قبل الخضوع لبنود التطبيع مع الدول العربية، هي ان تلطخ حماس يديها بدماء النساء والأطفال، ويحصل ناتنياهو على الضوء الأخضر من المنتظم الدولي كي يدمر غزة، ويمحي المقاومة المقنعة بشعار الدين الإسلامي الحنيف، ويحجز لنفسه موقعا في التاريخ الحديث.

إن المثل العالمي الذي يقول: المنتصر هو الذي يكون آخر من يضحك ويملي إملاءاته، تمثلت به حماس وسلمته لحكومة إسرائيل على طابق من ذهب. بينما صفقت قناة الجزيرة للانتصارات الوهمية، كما صفقت يوما لصدام حسين ولوزيره في الإعلام محمد سعيد الصحاف، حين كان يغدق على صغار العرب هدايا الانتصارات الوهمية على “العلوج”. فأينك ياصدام حسين، ويا معمر القذافي صاحب مقولة ليبيا العظمى، ويا جمال عبد الناصر ويا ويا ويا…بل أينك يا من اطربتنا يوما بأغنية: زطم زطم ياصدام.. وزيد بنا للأمام.

أقول قولي هذا وأستغفر الله من شرور النظام العسكري الجزائري الذي نام أمس على إيقاع أحلام كاذبة ظل ينشدها على مسامع الكتائب الفلسطينية، وهو يعلم جيدا أنها احلام لا تتحقق. كما استغفر الله من ادعاءات الجماعة الكذابة في المغرب، التي خلعت قناعها الداعشي والتي تقتات دائما على روث الحمير ومنهم: علي المرابط وخالد بكاري وبوبكر الجامعي وفؤاد عبد المومني وحسن بناجح وأخرون. واستغفر الله من شر الانقسام والانتقام الذي جعل لفلسطين ضفة غربية وغزة بحرية، فلا تكاد تميز فيهما بين الفاسد والنافذ، علما انهما يتقاتلان معا تحت ظل مخالب النمر الإسرائيلي.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق