منافذ الأسلحة بالناظور

7 مارس 2008آخر تحديث :
منافذ الأسلحة بالناظور
منافذ الأسلحة بالناظور
تفاصيل حول حياة “الصوفي” شيغانو وسمسار السفارة الغربية بليرج

  . حواجز أمنية كثيرة في مدخل المدينة، غبار أشغال السكة الحديدة و ضباب قضية عبد القادر بليرج، يغطيان سماء مدينة تصبغ بعض جدرانها بشعارات “يحيى بنو مازيغ”، السكان كعادة أهل الريف، يتحدثون ببطء، وبحذر مع من يسمونهم “إغربين” و حديثهم عن خلية إرهابية من عقر الناظور تطبعه السخرية، و حين يتعلق الأمر بجدية فإنها تكون صارمة و متطرفة في الجزم، “زودياك أني ن تاحشيشت نتني إتاوين غا الناظور و السناح وينديوين، ووينتن إني إخدمن تاحشيشت، ودجي إني يتكن الإرهاب…“”

و تعني العبارات الريفية “السلاح موجود و لكن لم يدخله إرهابيو جماعات إرهابية و إنما هربه تجار المخدرات..

يسير سائق طاكسي على خط الناظور بني شيكر، إلى أبعد من هذا التأكيد الذي و ورد على لسان حقوقيين وسكان ومهربين… فيقول “إذا كنت مهرب سلع بسيطة فإنني محتاج إلى سلاح لأحمي به نفسي، فهل تعرفون عدد الملايين التي يهربها هؤلاء، ولست ألومهم، بل أقول يمكن أن أكون منهم، وما أقصده هو أن المهربين يحوزون السلاح، ليس من أجل قلب النظام ولكن من أجل حماية أنفسهم، فهناك عدة مافيات ومصالح متناقضة، وليس هناك مجال لخوض المغامرات دون سلاح”.

ويحكي السائق نفسه الذي تحدث بريفية ممزوجة بكلمات إسبانية، وبدا أنه ساخط على وضعية سكان الريف «المنسيين»، على حد وصفه، إذ يقول الرجل «أنا شخصيا إذا كنت سأستخدم السلاح في المغرب، فليس لقلب النظام، هذا أمر غير وارد البتة في الريف، ليس هناك ريفي سيحمل السلاح من أجل أهداف من هذا القبيل، إنما من أجل التهريب ومن أجل التجارة، من أجل المستقبل، وإذا كنت سأستعمله يوما لغير هذه الأهداف فإلى جانب إسبانيا». ويتابع الريفي المتعصب إلى ريفيته، «إليكم مفارقة نعيشها في أسرتنا، والدي حارب إلى جانب المغرب لأنه وطني وبعد تقاعده كان يتقاضى 750 ‏درهمأ، وعندما توفي تقاضت والدتي حوالي 150 ‏درهما، لكن إبن عمه حارب يوما إلى جانب إسبانيا فكان يتقاضى عند تقاعده حوالي 15 ‏ألف درهم وبعد وفاته كانت أرملته تتقاضى 10 ‏آلاف درهم، انظروا إلى الفرق وبالنسبة إلي الحياة معادلة رقمية، سأستفيد من درس والدي، إذا حملت السلاح فلن يكون إلى جانب المغرب، بل إلى جانب إسبانيا».

  الصورة : إبن عبد الغالي شيغانو في البئر الذي عثر فيه على الأسلحة

يتمادى السائق في وصف وضعية يتقاسم عيشها الريفيون، خاصة أولئك الذين يقطنون بيوتا لا يفرقها عن مليلية إلا الأسلاك الشائكة، ويمسون ويصبحون على تلؤلؤ أنوار حضارة إسبانيا ويلمسون بعيونهم فقط ديمقراطية دولة، وفرص شغل، وهو موضوع، يقول أحد السكان، أهم من تهريب الأسلحة ومن تجارة المخدرات، فيطلب منهم ألا يتأثروا، هم الذين مازال أبناؤهم يقطعون المسافات الطويلة إلى المدارس، بحياة المليليين.


صورة لزودياك تم التخلص منها

‏يتحدث السائق بغضب، ولأن العادة تخرس أصوات الخوف، فإنه أطلق العنان لسرعة جنونية تحمل السيارة على طريق منعرجة، وهي العادة التي بدا أن جميع السائقين في ألمنطقة ابتلوا بها، وذلك ليس بهدف السرعة نفسها، «بل لأن المهربين هم من أسس لهذه السرعة، فسياراتهم تطير، لذلك اكتسب حتى السكان العاديون وسائقو الطاكسيات عادة السركة الجنونية، وقد تسبب ذلك فعلا في حوادث سير قاتلة، آخرها راح ضحيتها أحد سكان بني شيكي قبل حوالي شهر، إذ دهسته سيارة «مرسيدس في ملكية مهرب يقود بجنون، ولم يلق عليه القبض إلى يومنا هذا».

‏أطفال الجغرافيا الفاصلة بين مليلية وبني شيكي يلوحون إلى ركاب سيارة «هولا، هولا..»، يتحدثون عربية ركيكة، ويميزون جدا بين الكلمات باللغة الإسبانية وباللهجة الريفية.

‏يحمل السائق إذن سيارته على أكف عفريت السرعة، وحين يصل يشير «اقطعوا هذه المسالك، قد تبدو وعرة، لكن يمكن الوصول إليها بسهولة، ستجدون ما تبحثون عنه».

شواطئ المهربين

‏شاطئ معروف ب « دشار»، هو نفسه الذي قصده مستثمرون أجانب قبل سنوات وجعلهم يحملون إلى جماعة بني شيكر مليار و 300 ‏دولار، أرادوا أن يجعلوه و من المنطقة المحاذية مدينة سياحية بامتياز، تدروا، ‏حسب المشروع الذي مازالت وثائقه في درج الانتظار بمقر الجماعة، عدد اليد العاملة التي سيوفرها الاستثمار حوالي 40 ‏ألف، لكن ذلك بكل تأكيد سيضرب هذا المشروع مصالح تجار المخدرات، «تحول هذا الشاطئ وغيره إلى مرسى «زودياكات» مهربي المخدرات، لذلك وجد المشروع الاستثماري عدة عراقيل يمكن أن تجدوا تفاصيلها عند رئيس جماعة “بني شيكر” تسجل بأسف مصادر مطلعة.

‏»زودياك» متلاشي منسي على هذه المساحة الخلابة، التي تسلب زوارها العقل، قال بعض سكان المنطقة وصيادون إن ملكيته تعود إلى تجار مخدرات، «كعادتهم، يحرقون الزوارق التي تصاب بعطل، والتي لا يمكن إصلاحها بسرعة في المكان، لذلك يحرقونها، ويتخلون عنها هنا، وهذا واحد فقط مما خلفته الأيادي التي تنظف الشاطئ لصالحهم، وإذا عدتم بعد أيأم لن تجدوها هنا»…يسجل أحد السكان، ويلتفت الرجل يمينا ويسارا، خوفا من عيون تراقب المكان.

‏ليس عملية تهريب المخدرات والأسلحة ما يمكن أن يفلح في منطقة شبه معزولة، تغرق في صمت قاتل، لا يقطعه إلا أصوات دراجات نارية ضخمة، تتسابق في المنعرجات، منها التي تتوفر على أربع عجلات، اذ مثلا يمكن أن ترتكب أي جريمة في المكان دون أن يصل صوتها إلى سكان بني شيكي المركز، «لا وجود لأي حراس هنا، السكان وحدهم يعيشون رتابتهم ولا يهتمون حتى بتجار المخدرات، لا يعنيهم الأمر في شيء، بل تحول الأمر إلى تربية، الجميع يتقاسم فكرة وموقفا واحدا، لا فرص شغل، إذن نعم للتهريب» يسجل أحد الصيادين في المنطقة، وكان الشاب يتحدث بشبه حذر وباقتضاب وبسرعة، وتحفظ كما بعض سكان المنطقة عن الإدلاء بمزيد من التفاصيل عن عمليات تجري ليل نهار في الشواطئ المجاورة، لكن رئيس جماعة بني شيكي يتناول عنهم المبادرة «منذ سنوات وأنأ أراسل السلطات بشكل رسمي عما يجري في جماعة أمثل سكانها، وأدليت بتفاصيل جرائم تمس الأمن هنا، لكن لا مجيب، بل إنني أعلمت قائد المنطقة مرارا عن عمليات تجري، لكنه رفض أن يتحرك من مكانه، فالذي نفهمه من ذلك؟ يتساءل الطاهر توفالي رئيس جماعة بني شيكي.

‏يقلب المسؤول صفحات ملفات الإرساليات التي بعثها إلى عدة جهات منها رئيس دائرة القليعة والقائد الإقليمي للقوات المساعدة بالناظور و عامل إقليم الناظور و قائد بني شيكر و بني بوغافر والقائد الإقليمي للدرك الملكي بالناظور ووزير الداخلية، وهي إرساليات يصل عددها إلى 15 ‏، منذ سنة 2004 ‏إلى 9 ‏يناير 2008 ‏. وكان محورها جميعا «الوضعية الأمنية المزرية داخل تراب الجماعة». وناقش المجلس الجماعي الموضوع نفسه في دورة استثنائية بتاريخ 4 ‏دجنبر الماضي، «وانعكست الوضعية» تقول إحدى رسائل رئيس الجماعة نفسها، على أمن سكان دواوير المنطقة، إذ استفحلت ظاهرة بيع الخمور والمخدرات بشكل خطير نتج عنه تهديد أرواح السكان.

‏وهي الظاهرة نفسها التي دفعت جمعية محلية إلى اتخاذ قرار تنظيم وقفة احتجاجية قبل حوالي أسبوع أمام مقر قيادة بني شيكر، إلا أن رئيس الجمعية سيفاجأ بأعضاه المكتب يقدمون استقالتهم جماعيا، «استدعاهم القائد وأخبرهم أني متورط في ملف الخلية الإرهابية لبليرج، واستخدم ملفا خطيرا للضغط على أعضاه الجمعية فما كان من هؤلاء إلا أن سارعوا إلى تقديم استقالاتهم والتخلي عن الجمعية خوفا على أنفسهم، وهذا بعد قرارنا الجماعي بتنظيم وقفة احتجاجية ضد المسؤول نفسه، احتجاجا على تغاضيه عن “مهربين” يقول رئيس الجمعية هشام الدين، وفي ما كان الشاب يحكي تفاصيل عمليات تهريب تتم في المنطقة، لم يستبعد أن تكون ضمنها عمليات تهريب أسلحة، تقف سيارة «مرسيدس» يطل سائقها ويتوعد رئيس الجمعية بالانتقام جهارا أمام موفدي «الصباح»، «هل رأيتم إنهم لا يخشون شيئا، لديهم الحماية، فهذا المهرب قتل قبل أيام مواطنا، بدهسه تحت عجلات سيارته، إذ يقود بسرعة خطيرة، ولكنه لم يتابع، واكتفى بمنح مسؤول أمني هنا سلعا مهربة، وهو ما عايناه وكنا سنفضحه في الوقفة الاحتجاجية التي نسفها القائد.

‏بدا وجه المهدد الذي توعد رئيس الجمعية ب»الويل صارما وشديد الغضب ‏ولم تفلح ندبة غائرة تشق خده الأيسر في إخفاء هذا الغضب، وهو نفسه الشخص الذي قال عنه رئيس الجمعية ذاتها «إنه أحد صغار مهربي المخدرات والخمور في المنطقة، ليس كبيرا إلى درجة يظهر فيها متبجحا مغرورا بسلطان ماله، إنما هو واحد من أتفه المهربين، فهناك أخرون أكبر من أن يهادوا ويتوعدوا، إنهم كبار جدا فوق ما تتصورون، لا يأبهون لا لكاميرات الصحافة ولا لأي شيء أخر.

‏وهذا ما وقفت عليه عدسة كاميرا قناة إسبانية أخيرا، إذ صورت بالصوت والصورة عمليات تهريب في الشاطئ نفسه، والتقطت صور حوالي 20 ‏»زودياك» تربض في الشاطئ وألاف أوعية الوقود، وسجلت التفاصيل دون أن يأبه لها المهربون، بل «تحدث بعض رجال السلطة إلى ميكروفون القناة دون أن يشعروا بذلك وهو تحقيق سيصدم السلطات المغربية عندما يبث قريبا على هذه القناة، يقول أحد نشطاء حقوق الإنسان بالمنطقة.

‏ويجد تلميح الجمعوي الأول عن تورط مسؤولين كبار في تهريب المخدرات والأسلحة في المنطقة، طريقة مباشرة عند صباغ سبق أن زار جمعية حقوقية في الناظور قبل حوالي سنتين، مرتعدا، خائفا، مرتبكا، «أخبرني أنه عثر على مخزن سلاح في فيلا مسؤول عسكري بالقرية في الضواحي، أراد الرجل أن يخبر السلطات لكنه خشي الانتقام، لذلك ظل أياما مترددا، قبل أن يهتدي إلى فكرة إخبار جمعية، وبدورنا لجأنا إلى جمعية أخرى تنشط في مليلية، على اعتبار أن لديهم ضمانات أكبر منا، وهامشا من الحرية في التعبير لكنها لم تقم بأي مبادرة، إذ أخبرت شخصيا رئيسها بما يجري في القرية وأخبرته برواية الصباغ الذي تسلل بدافع الفضول إلى قبو الفيلا بينما كان مسؤولا عن طلاء جدرانها، وذلك في غياب الحراس، فعثر على مخزن للأسلحة». يحكي مصدر حقوقي بالناظور. ويضيف أن المدينة لم تفاجأ بمعلومات إيجاد مخزن للأسلحة فيها، «إن الأمر تحول إلى سخرية هنا، لا أحد هنا يجهل أن السلاح يدخل إلى المغرب بعدة طرق، ولكن الجميع أيضا يخشى مبادرة التعبير عن ذلك، مخافة المتابعة، في غياب الدليل المادي الملموس».

طرق روما

وتقول مصادر عليمة إن بعض شواطئ الناظور تحولت إلى ملك خاص لهؤلاء، وهو ما وقفت عليه «الصباح»، إذ زارت الشواطئ نفسها دون أن تجد أثرا لحراس تابعين إلى أي جهة رسمية، وهي الشواطئ التي عاينت فيها قوارب محروقة، فوقت المهربين دقيق جدا، يسجل مصدر من السكان، ويتابع «شاهدنا مرارا بواخر تابعة إلى البحرية الملكية تطارد قواربهم، لكن العملية أشبه بلعبة القط والفأر، وغير مفهومة، إذ يهرب الزورق بسرعة وتتبعه الباخرة، ويختفيان في الأفق، ولكن سرعان ما يعود هؤلاء فجر اليوم الموالي، فتجدهم يفرغون حمولتهم ويضعون ألاف أوعية «بيدونات» الوقود من سعة 25 ‏لترا على الشاطئ، ويعملون بدقة كخلية نحل وكانوا قبل حوالي شهر يقضون وقتا طويلا في الشاطئ، بل يحتلونه، وهم حاليا متوارون بسبب ملف الإرهاب، وسرعان ما سيعودون عندما سيفقد الملف حرارته».

‏وأوضحت مصادر متطابقة أن هناك عدة طرق لتهريب الأسلحة في الناظور، «هناك أولا القوارب التي تنقل المخدرات إلى إسبانيا، فهي لا تعود من هناك فارغة، بل محملة بالأسلحة، ولدى تجار المخدرات خريطة بيع وتسويق هذه الأسلحة، فهم لا يسوقونها إلى جماعات مغربية، بل يبيعونها إلى أفارقة يدخلونها بدورهم إلى الدول التي تعرف نزاعات في إفريقيا، كما يبيعونها إلى جزائريين».

‏وتشرح مصادر أخرى حيثيات لجوء تجار المخدرات إلى تجارة الأسلحة، «لم يكن ذلك اختياريا، بل وجدوا أنفسهم في فترة معينة مطالبين بذلك، فقد فوجئ تجار المخدرات بالانقلابات التي أحدثها توحيد العملة الأوربية، إذ أصحوا ملزمين بصرف عملاتهم إلى الأورو قبل متم 2007 ‏، ولكنهم يملكون سيولة ضخمة خيالية، واستحال عليهم صرفها بطريقة قانونية، لأن ذلك سيضعهم في الديار الإسبانية أمام سؤال من أين لك هذا، لذلك توافقوا مع مسؤولين مغاربة على تبييضها في العقار وفي مشاريع استثمارية في مناطق الشمال، فيكون الجميع هنا مستفيدا، وهو ما حصل»، وتتابع المصادر تفسيرها، «المشكل الوحيد الذي واجهه هؤلاء هو أنه لم يعد لديهم سيولة كافية لاقتناء المخدرات، فعرضوا على المتعاملين معهم الأسلحة، وقدموا لهم خريطة بيعها ولم يكن الغرض من ذلك زعزعة استقرار البلاد أو مساعدة إرهابيين، بل كانت لديهم نقط بيع أخرى، أي مد النزاع المسلح في دول إفريقية بالسلاح وقد تحفظوا فعلا عن مد الجماعات الإرهابية في الجزائر بالأسلحة، لكنهم بعد أن حققوا ربحا أكبر اقتحموا المغامرة».

‏ما قالته المصادر يجد تطابقا حرفيا مع تقرير كانت الجمعية المستقلة للحرس المدني الإسباني أصدرته قبل حوالي سنتين، و عبرت فيها عن مخاوفها من تحول تجار المخدرات إلى تجارة الأسلحة، ومصدر خوفها أن يستغل ذلك لصالح جماعات إرهابية تابعة إلى تنظيم القاعدة. من يقصد الناظور بحثا عن جواب لسؤال يعود منها بأسئلة أكثر غموضا، لن تكفي ندوة واحدة للإجابة عنها، فسرية التحقيق ليست إلا واحدة من العقبات التي تخبئ المطبات في طريق البحث عن أجوبة لأسئلة خلية بليرج، الشبكة الإرهابية التي قيل إنها مسلحة.

‏وإن كانت الحواجز الأمنية في مدخل المدينة تشعرك بقوة حضور الأمن فإن جولات قصيرة داخل المسالك الوعرة في ضواحيها تشهد على غياب أي صوت لهذه الحواجز ومعناها، فتتحول من قوة إلى شكل أريد به إثارة أسئلة أكثر غموضا.

صوفي و تاجر مواد مهربة من مليلية

  عبد الغالي شيغانو، من مواليد 1956 ‏، أب لأربعة أبناء أكبرهم يبلغ ‏من العمر 22 ‏سنة، مازال يدرس اللغة الألمانية عساه يلتحق بأعمامه المهاجرين في ألمانيا، ضاقت به السبل أكثر من مرة، ولم يساعد وجود الإخوة في الديار الأوروبية في عتق رقبته من يد الفقر الحديدية، «بائع بسيط جدآ … داخل سوق راسو»…يفضل المكوث في بيته كثيرا، وحتى المحل التجاري الذي يشتغل فيه يتقوقع في البيت، أي أنه لا يخرج من منزله إلا لجلب السلع من مليلية على بعد خطوات من بني شيكر، ثم يعود في سيارته «بوجو 505 ‏» الحمراء، وسرعان ما يعود إلى رتابة البيع بالتقسيط». وهذا ملخص شهادات من الدوار.

‏يقضي ابني أيامه إما في المحل أو نائما في البيت فصحته تتراجع في السنين الأخيرة، ويشكو علة لم يقف على نوعها بعد، دائما يقول إنه مريض، ويخلد إلى النوم. تنتحب الأم، لا تنطق جملة واحدة دفعة واحدة، تغدو العبارات كلمات متقطعة على لسانها، «إنه ألم كبير، تحدثت إلى ابني حين أحضروه، لم أتمالك نفسي من البكاء، قال لي اطمئني لم أقم بأي شيء يضر بلدي، وقال لأبنائه إنه بريء وعليهم ألا يصد قوا ‏ما يسمعونه. بدورهم سكان الدوار يشهدون بتطرف كبير بحسن أخلاق الرجل، وبسيرته الطيبة وبساطته، ليس واحدا ممن يمكن أن تناقش معهم موضوعا كيفما كان، اللهم المعيشة اليومية وصعوبات تربية الأبناء وغيرها من الأمور الطبيعية، فهو كأي واحد من الدوار غارق في رتابة وروتين يجثم علينا جميعا. لكن مصادر تقول إن عبد الغالي شيغانو واحد من مرتادي زاوية العيساوية بالدوار، وكان يؤدي فيها صلاته كما يمارس طقوسا صوفية في المكان نفسه.

الصباح 05/03/2008

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق