تاريخ المغرب: حينما فرض الحسن الثاني الإقامة الجبرية على صهره وأدخل بعض مقربيه إلى السجن

15 يونيو 2018آخر تحديث :
تاريخ المغرب: حينما فرض الحسن الثاني الإقامة الجبرية على صهره وأدخل بعض مقربيه إلى السجن

متابعة

في صيف 1993، وأثناء قضاء عطلته الصيفية بإيطاليا رفقة عائلته، التقى صهر الحسن الثاني والوزير الأول الأسبق ورئيس التجمع الوطني للأحرار في روما السفير الأمريكي على مائدة عشاء، حيث دار بينهما حوار طويل، لم يرسل أحمد عصمان تقريرا بصدد ما دار بينه وبين السفير الأمريكي إلى الملك الراحل، وحتى عندما عاد طوى الموضوع الذي كانت الأجهزة المغربية قد رصدته.

 

غضب الحسن الثاني كثيرا ولم يستدع صهره إلى القصر الملكي للعبة الورق المفضلة لديه، بل أمر ادريس البصري باللعب في المطبخ الداخلي لحزب التجمع الوطني للأحرار، حيث أصبح عصمان يواجه صراعا مع الرغاي والطيب بن الشيخ والحافظي العلوي، وبعناد سيركب أحمد عصمان رأسه وسيصرح يوما: “لا يمكن للنخبة أن تعيش البذخ في جزيرة من الفقراء”، وبدأ يتحدث عن ليبرالية اجتماعية وليبرالية ديمقراطية، ويتقرب من أحزاب المعارضة التقليدية بعد أن اشتم التناوب الذي طمع في أن يكون قائده، ففرض الحسن الثاني الإقامة الإجبارية على أحمد عصمان بألا يغادر منزله لأسابيع عديدة، وكان أمين سره محمد بن الطالب، مدير ديوانه لما كان عصمان رئيسا  لمجلس النواب والرجل النافذ يومها في جهة الدار البيضاء وفي التنظيم الحزبي.

 

وقد حكى محمد بن الطالب، يقول مصدر مقرب منه لـ “الأيام”، كيف كان يمر على منزل أحمد عصمان ليلا حيث يقيم إجباريا، ويرمي له بعلب السيجار وببعض الحاجيات التي يعرف أنها لن تصل إلى رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار.. الذي كان له تأثير في تغيير استراتيجية الحسن الثاني من الاستقلال إلى الاتحاد الاشتراكي للوزارة الأولى، وقد وجد الملك في رفض بوستة لإدريس البصري سببا لإلغاء عروضه السابقة، والتفكير بجدية في عبد الرحمان اليوسفي كوزير أول.

 

لذلك يؤكد مصدر مقرب من مستشار نافذ على عهد الملك الراحل أن الحسن الثاني استقبل رسالة عدم إخبار عصمان له بعد لقائه بالسفير الأمريكي، رسالة من النخبة المحيطة به التي تحس بأنها خدمت النظام ويريد الملك التخلي عنها فجأة، وكانت الظروف الدولية في غير صالح الاستقلاليين، ففي إسبانيا يحكم حزب العمال الإسباني بقيادة فليبي غونزاليس منذ 13 سنة، والحرب الأهلية انطلقت في الجزائر بعد مواجهة الجيش لجبهة الإنقاذ، والاشتراكيون يديرون شؤون فرنسا من إديت كريسون في بداية التسعينيات على عهد ميتران حتى ليونيل جوسبان مع جاك شيراك، لذلك أخذ الحسن الثاني فسحة من الزمن- تقول المصادر النافذة ذاتها- ليعيد ترتيب أوراقه في منتصف 1993، وكان لمشهد جنازة عبد الرحيم بوعبيد أثر قوي على التحول السياسي للحسن الثاني، لذلك انقلبت معطيات كثيرة بعد عودته إلى أرض الوطن، تدخلت الإدارة بشكل سافر في انتخابات الثلث الناجي في 17 شتنبر 1993، وكسر انتشاء الكتلة بالفوز النسبي الذي حققته في انتخابات 25 يونيو 1992، فغضب اليوسفي وسافر إلى كان، وبذلك يكون الملك الراحل قد طمأن الحرس القديم وزاد من ضمانات محيطه تغييرات دستور 96 التي تم فيها التراجع عن دستور 92 المتقدم، وشجعت الإدارة التناقضات الداخلية أكثر، لذلك حين تشبث بوستة بإبعاد البصري وجد الحسن الثاني الفرصة سانحة للتخلص من الاستقلال، والتوجه نحو الاتحاد الاشتراكي في شخص اليوسفي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق