مبدعون من الريف، الحلقة 2 : الشاعر الأمازيغي محمد حنكور

18 يونيو 2015آخر تحديث :
مبدعون من الريف، الحلقة 2 : الشاعر الأمازيغي محمد حنكور

hqdefaultكتب: د جميل حمداوي

/تمهيـــد:
يعد محمد حنكور من الشعراء الأمازيغيين البارزين في منطقة الريف إلى جانب أحمد القادري، ومحمد أخارباش ، ومحمادي بوسحاح، ومارزوق الورياشي، وفاظمة الورياشي، ومحمد أمطالسي، وأحمد بنجيلالي، ومحمد حبشاوي، ومحمد ميرة…
و يعتبر محمد حنكور أيضا من أعضاء الجيل الشعري الأول الذي ظهر بعد الاستقلال مباشرة، وقد حمل لواء الشعراء الأمازيغيين الرواد مع بدايات انطلاق الشعر الأمازيغي بالريف للتغني بالإنسان الأمازيغي، والإشادة بهويته وكينونته التاريخية،كما حمل إلى جانب شعراء أمازيغيين آخرين مشعل الشعر والتنوير الوطني وإرساء ثقافة الشعر وإبداع القصيدة الطويلة في منطقة الريف.

1/ من هو محمد حنكور؟

ولد محمد حنكور ببني بويفرور ببلدة أزغنغان التابعة لإقليم الناظور في أواسط الثلاثينيات من القرن العشرين. وقد هاجر إلى الجزائر على غرار الكثير من الريفيين، وعاد إلى المغرب ليستقر ببني سيدال ، ويندمج في صفوف عمال منجم وكسان المعروف بثروة الحديد التي كان يصدرها المستعمر المحتل إلى الخارج وبالضبط إلى إسپانيا من أجل التعدين و التصنيع وتصديره إلى دول أخرى.
ومحمد حنكور كما هو معروف يقول الشعر عن فطرة وإلهام وجبلة وسليقة، ولا يكتب شعره إلا لماما، وقد شارك به في مجموعة من الإقصائيات والمهرجانات الشعرية الأمازيغية سواء بالريف أم خارجه كمشاركته في المهرجان الأول للشعر الأمازيغي الذي نظمته جمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور في 6مايو 1979م. كما شارك في مهرجانات إلماس الشعرية وخاصة مهرجان 2008م بالمركب الثقافي بالناظور، والملتقى الربيعي الأول للشعراء الشباب بالناظور في سنة 2007م، ومهرجان المقهى الأدبي الثاني بمقهى ﭭيكتوريا بالناظور الذي نشطه الشاعر بوزيان حجوط في 29 فبراير 2008م، ومهرجان رابطة المبدعين بالناظور يوم26 أبريل 2008 الذي كرم فيه محمد حنكور أحسن تكريم.
ومن هنا، فقد حصل الشاعر الأمازيغي الريفي محمد حنكور على عدة جوائز تقديرية وتشجيعية ، وتم تكريمه بسبب تفانيه وإخلاصه الكبير للشعر الأمازيغي، ووفائه للجماهير الريفية التي تحب شعره إعجابا وانبهارا واستمتاعا.

2/ مضامين شعر محمد حنكور:

تناول محمد حنكور مواضيع شعرية أمازيغية متنوعة كالموضوع التاريخي ، والموضوع الوطني والقومي والإنساني، والموضوع الاجتماعي، وشعر الدين و الزهد، وموضوع الهوية والكينونة التاريخية ، وتيمة الهجرة، وقضية الأرض، وواقع المرأة الأمازيغية بالريف، وثنائية المعاناة والأمل. واستقرأ أيضا في قصائده الشعرية تاريخ منطقة الريف، وأشاد بالمقاومة الأمازيغية التي خاضها الشريف أمزيان ومحمد بن عبد الكريم الخطابي ضد الأعداء العتاة وخاصة المحتلين الفرنسي والإسپاني. كما عبر الشاعر عن الصراع الاجتماعي والتفاوت الطبقي، وثار على الفقر والظلم والاستبداد ، ودافع عن الإنسان الأمازيغي والكينونة المحلية والهوية الأصيلة لأبناء الريف وساكنة تامازغا.

3/ الخصائص الجمالية والفنية:

تصدر أشعار محمد حنكور عن سليقة فطرية وجبلة عفوية لاتصنع فيها ولاتكلف، أشعاره مطبوعة تنساب بشكل بديهي مرتجل. كما يتوفر محمد حنكور على ذاكرة شعرية قوية.
هذا، و يستعمل الإنشاد في قراءاته الشعرية ، ويتكئ على حرارة الانفعال، وعاطفة الحماسة التعبيرية في رواية نصوصه الشعرية التي تنماز بالطول والإسهاب والاستطراد حتى إن قصائده الشعرية تذكرنا بمطولات شعراء الجاهلية ومعلقاتهم. كما تجمع أشعاره بين الإمتاع والإفادة، أي يزاوج في شعره بين الوظيفة الشعرية والوظيفة الإخبارية كما في شعره التعليمي وشعره الوطني وشعر الزهد والإشادة بأبطال المقاومة الأمازيغية.
وينهج الشاعر قالبا عموديا كلاسيكيا قائما على التوازي والازدواج الإيقاعي، واستخدام التكرار، وتوظيف نظام الشطرين واستعمال القوافي والروي المتكرر عبر أبيات القصيدة أو المطولة الشعرية. ويستند الشاعر كذلك إلى الإيقاع الشعري الكلاسيكي الموروث:

لايارا لايارا لايارا لابويا

أضف إلى ذلك ، فالشاعر يستعمل تقنيات القصيدة الشعرية العربية القديمة من وحدة القافية والروي ونظام الشطرين، ويستعمل كذلك تقنيات كتابة القصيدة المعاصرة عبر استعمال الأسطر والجمل الشعرية المتفاوتة في الطول والبياض والسواد.
ونلاحظ خاصية التقرير سمة غالبة ومهيمنة على أشعاره أكثر من طغيان خاصية الإيحاء والوظيفة الشعرية؛ بسبب ميل الشاعر محمد حنكور إلى الإخبار والسرد التاريخي، وتقديم الأحكام والعبر والنصائح ولاسيما في قصائده التعليمية والدينية ومجمل أشعاره الزهدية. ومن ثم، تتسم صوره البلاغية بخاصية المباشرة والتقريرية الحسية المادية البعيدة عن التجريد والإيغال الرمزي والأسطوري.
وإليكم قصيدة من قصائده الاجتماعية المعروفة بخاصية النضال والالتزام والروح الثورية، وهي بعنوان:” ثافـــاذين” وقد أنشدها الشاعر في المهرجان الأول للشعر الأمازيغي بجمعية الانطلاقة الثقافية بالناظور في 6 مايو سنة 1979م:

ثسينو ثمورث
يصفا ءوجانا
مارا مين ذاووم غايينيغ
ءاقاث غاوم يورا
يكثار خاناغ رهموم
مين غايفكان مانايا
حاد يصاغ ثفاوت
حاد ذي طرام ييذي ياجا
حاد گينت ذي رقفاز
حاد بلعان خاس ثيوورا
حاد يتيرار ذي رفروس
حاد ثانغيث تامارا
حاد يابنا رفوقياث
حاد وايعريم راتسيرا
ويتعاواذاث رسرار نوام
ءيربعاظ ن ييظا
كنيو مين واثگيم
ءاخاوم ءانين ثيمانا
يكثار خاناغ ثصفا
ءانتار ءارابي
ولابود ءات نراجا

خاتمـــــة:

وعلي أي حال، فالشاعر الأمازيغي الريفي محمد حنكور من رواد القصيدة الأمازيغية بمنطقة الريف، يقول الشعر عن فطرة وسليقة وارتجال، ويعرف بتلحين قصائده وتجويدها وتنغيمها ، أي يقرأ قصائده الشعرية على غرار شعراء الأطلس المتوسط الذين يستعملون الإنشاد في قراءتهم الشعرية.
ويصدر شعر محمد حنكورأيضا عن رؤية إسلامية متزنة، ورؤية وطنية كونية تتجاوز ماهو محلي إلى ماهو قومي وإنساني.
ويتميز محمد حنكور عن باقي شعراء الريف بحبه للآخر، وتعايشه مع الجميع، وحبه للأمازيغية كثيرا، ويعرف كذلك بدفاعه المستميت عن أبطال المقاومة الأمازيغية و دفاعه عن الوطن أيما دفاع ونضال.
ونتمنى من أعماق قلبنا أن يطبع الشاعر محمد حنكور ديوانه الشعري في أقرب وقت لكي يطلع عليه القراء الأمازيغيون وغير الأمازيغيين.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق