منبر الرأي .. تدريس الامازيغية في منعرج خطير

16 يوليو 2016آخر تحديث :
منبر الرأي .. تدريس الامازيغية في منعرج خطير

أريفينو سمير عيساتي

تعيش وضعية تدريس الامازيغية بالمغرب انزلاقات خطيرة قد تعصف بها الى حد الغاء تدريسها نهائيا.
وكما هو معلوم فقد عرفت عملية ادماج اللغة الامازيغية في المدرسة العمومية عدة تطورات انطلقت بتأكيد من اعلى سلطة في المغرب على ان الامازيغية تشكل مكونا اساسيا من مكونات الثقافة المغربية، وان النهوض بالامازيغية يعد مسؤولية وطنية على الجميع تحملها، في خطاب تاريخي بمدينة اجدير يوم 17 اكتوبر 2001، وكان من اثار هذا الخطاب ان احدث المعهد الملكي للثقافة الامازيغية الذي يضطلع بمهمة التهيئة القانونية واللغوية للغة الامازيغية واعداد مقررات دراسية للغة كمؤسسة احدثت بظهير شريف، وغير بعيد ومع انطلاق الموسم الدراسي 2003/2004 ستعرف المدرسة العمومية لغة جديدة وقفزة نوعية نحو ترسيخ قيم الحضارة وتاريخ المنطقة، وبهذا عرف هذا الموسم تدريس الامازيغية لاول مرة كمكون يدرسه استاذ التعليم الابتدائي بمعدل ثلاث ساعات اسبوعيا لكل فوج او مستوى، وتوالت بعدها صدور المذكرات المنظمة للمادة وبرمجت تكوينات لفائدة الاساتذة لم ترقى الى المستوى المطلوب.
وباعلان التعديل الدستوري لسنة 2011 واعتبار اللغة الامازيغية كلغة رسمية الى جانب العربية استبشر المتتبعون خيرا، خصوصا بعد تخرج اول فوج متخصص في اللغة الامازيغية من المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين خاضعا لتكوين في ديداكتيك اللغة نظريا وتطبيقيا موسم 2012/2013، واستمر الامر هكذا في سبيل تحقيق هدف تعميم اللغة الامازيغية افقيا وعموديا في المستقبل القريب.
لكن ما حدث من كل هذا، ان ما يتم الترويج له وكتابته غير ماهو كائن، اذ ان هذا التخصص يعيش حاليا ازمة خانقة ومدبرة قصد الاجهاز على هذا المكسب الذي ناضل عليه سكان ثامزغا منذ عقود.

يتم تعيين خريجي مراكز التكوين المتخصصين في اللغة الامازيغية في قرى نائية بعيدا عن المدن بعدد ضئيل جدا يتراوح ما بين 80 و120 استاذ سنويا مبعثرين على قرى المغرب، فمن المنطقي انك اذا رغبت في نشر اللغة ان تبتدأ من المدن حيث عدد التلاميذ اكثر وحيث ظروف التحصيل افضل، وكذلك التعميم يكون بتخريج عدد اكبر من الاساتذة فهذا العدد لن يكف جماعة واحدة.
ليس هذا فقط فالمشاكل الكبرى تتجلى في انه يتم سحب التخصص من هؤلاء الاساتذة المعينين والمرسمين كتخصص لغة امازيغية بطريقة غير مباشرة عبر مجموعة من الاليات ابرزها ان الاستاذ المتخصص في اللغة الامازيغية الذي يشارك في الحركة الانتقالية يجد نفسه منتقلا بتخصص المزدوج فيتخلى اوتوماتيكيا عن التخصص، هذا الامر دفع بعدد من الاساتذة الى احداث تنسيقية وطنية تناضل من اجل هذا فكان الرد من مسؤولي الوزارة المعنية انه لا وجود لبرنام ينظم تخصص الامازيغية في الحركة الانتقالية بحجة انه لا وجود لتخصص في التعليم والابتدائي وبالتالي اما ان تبقى في منصبك واما ان تنتقل بتخصص المزدوج.
الالية الثانية هي ان معظم الاساتذة المتخصصين في اللغة الامازيغية حاصلين على شواهد الماستر فيشاركون في مباريات الترقية بالشواهد فيكون من نتائج ذلك ان يكونوا ملزمين بتغيير الاطار الى الثانوي تأهيلي وبالتالي تدريس تخصص اخر غير الامازيغية لانه لا يوجد تخصص الامازيغية بالسلك الثانوي التأهيلي ولا يمكن للمترشح ان يحتفظ بسلكه الاصلي وتخصصه الاصلي، هذا الامر يؤكد بالملموس مدى تعثر المنظومة التربوية بالمغرب فكيف يمكن لاستاذ غير خاضع لتكوين في مادة معينة ولم يسبق له حتى ان درسها في الجامعة ان يقوم بتدريسها لتلاميذ الباكالوريا.
فبهذه الاليتين سيتقلص عدد الاساتذة المتخصصين في اللغة الامازيغية ما سيدفع بالوزارة الى تكليف ما تبقى منهم بتدريس المزدوج لتغطية الخصاص المهول الذي يعيشه القطاع خصوصا هذه السنة مع خروج عدد مهم من الاساتذة بالتقاعد النسبي.

هذه المشاكل واكثر لا يسع المجال لذكرها تؤكد لنا ان هناك نية مبيتة للاجهاز على تدريس تخصص اللغة الامازيغية في المدرسة العمومية  عبر خلق مجموعة من العتبات في طريق تعميمها وترسيخها..

La-renaissance-berbere-au-Maroc_article_popin

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق