الأديبة أمنة برواضي في حوار ” مع الناقد” (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د.السهلي عويشي

5 مارس 2024آخر تحديث :
الأديبة أمنة برواضي في حوار ” مع الناقد” (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د.السهلي عويشي

الأديبة أمنة برواضي في حوار ” مع الناقد” (أسئلة الباحث العربي) الجزء الثاني الحلقة 29 مع الأديب والناقد د. السهلي عويشي.
أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي.

سؤال:
1 – من هو السهلي عويشي ؟

جواب:

  • السهلي عويشي من مواليد مدينة جرادة تلك المدينة المنجمية العمالية البسيطة حيث الصرخات الأولى في أحد الأحياء العمالية البسيطة ،حيث تلقيت أبجديات الحروف الأولى في اللغة العربية في أحد الكتاب أو الجامع باعتباره لم يكن مكانا للعبادة فحسب بل لتعلم اللغة العربية وحفظ ما تيسر من القرآن الكريم ،لينطلق بعد ذلك المشوار الدراسي داخل فضاءات المدرسة العمومية بمراحلها الثلاث ابتدائي وإعدادي وثانوي ،حيث سأحصل على الباكالوريا شعبة الآداب وقد كان الحلم كبيرا في مواصلة المشوار الدراسي إلا أن نجاحي في مباراة الولوج إلى مركز تكوين المعلمين حال دون ذلك بداية الأمر نظرا للوضع الاجتماعي الذي لم يكن يسمح بذلك، فالحصول على شغل كان من أولوية الأولوية لابن متقاعد بسيط ،لكن الحلم بمتابعة الدراسة الجامعية كان يطرح نفسه وبقوة كوني كنت مهتما بفعل الكتابة من جهة ثم التعيين كأستاذ للتعليم الابتدائي الذي صادفنا خلاله مجموعة من الأساتذة العاشقين للقراءة وللنقاشات الهادفة المفيدة ،فبمجرد رفع الترخيص بمتابعة الدراسة للموظفين في عهد حكومة التناوب بقيادة الزعيم اليوسفي رحمه الله حتى ذهبت توا للتسجيل فتمكنت من الحصول على الإجازة في الآداب ثم الحصول على دبلوم الدراسات العليا المعمقة الذي أتاح إمكانية الاشتغال بالتعليم الثانوي ثم بعد ذلك الحصول على الدكتوراه في الآداب .

سؤال:
2 – ما هي الدوافع وراء الانخراط في العمل الجمعوي وتجربة أدب المناجم ؟؟

جواب:

  • مسألة الانخراط في العمل الجمعوي لم تكن وليدة الصدفة بل أملتها مجموعة من العوامل الذاتية والموضوعية التي كنا نعيشها داخل مدينة جرادة، فمن المعلوم أن المنتمين لهذه المدينة المنجمية أو المارين بها بسبب ظروف العمل يدركون أنها مدرسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، فيها تعلمنا آليات الاشتغال داخل المجتمع المدني احتكاكا وممارسة منذ طفولتنا الأولى فأحيانا ونحن فتيانا كنا لا نجد حرجا في ولوج بعض المقرات النقابية للاستماع إلى النقاشات أو حضور بعض التجمعات النقابية بل وحتى السياسية أحيانا خاصة إبان الفترات الانتخابية فالبيئة كانت تفرض نفسها بقوة خاصة وأنها كانت تشهد حركية وفاعلية لا يمكن أن توجد في مدينة أخرى، وبالتالي لما تقلدت المسؤولية في جمعية طارق بن زياد للتضامن والتنمية والتواصل حاسي بلال جرادة وبحكم الاشتغال داخل الحقل الثقافي فأول ما فكرت فيه هو التأسيس لفعل ثقافي جاد ومتميز داخل المدينة كان هو فكرة أدب المناجم ، وبالفعل بدأنا الاشتغال رفقة الإخوة أعضاء المكتب الذين أوجه لهم من هذا المنبر التحية فكانت الانطلاقة الأولى سنة 2016 في الملتقى المغاربي الأول لأدب المناجم، والملتقى المغاربي الثاني سنة 2017 والذي حضره ثلة من الباحثين في أدب المناجم خاصة من تونس، وعلى هامشه تم الـتأسيس للجنة التحضيرية للمنتدى المغاربي لأدب المناجم وقد كانت تتكون من عبد ربه ومن الشاعر التونسي الكبير محمد عمار شعابنية رحمه الله والذي وافته المنية السنة الماضية، والذي يعتبر من رواد الشعر المنجمي بتونس ، ثم الصديق المبدع والمترجم محمد العرجوني، والشاعر التونسي نصر الدين الزاهي ،في سنة 2018 تم تنظيم النسخة الثالثة من الملتقى المغاربي لأدب المناجم في مدينة اليوسفية بتنسيق مع جمعية مبادرة القوافل للتنمية التي يترأسها الشاعر الزجال محمد مومني، إلا أن حدث كورونا للأسف الشديد عطل المسيرة لننظم النسخة الرابعة رقميا سنة 2020 والتي شارك فيها العديد من الباحثين والباحثاث من المغرب والجزائر وتونس ، منذ ذلك الحين والفكرة ما زالت حية، إلا أننا لم نستطع أن ننظم النسخة الخامسة كما كنا نتوق إلى ذلك لمجموعة من الأسباب ترتبط أساسا بغياب الدعم كحال مجموعة من الملتقيات ، أما التعاطي لما نصطلح عليه بأدب المناجم فهو يأتي ترسيخا لنوع جديد لا ندعي أنه يمثل جنسا أدبيا بقدر ما ندرك جيدا أنه يمثل نوعا أدبيا مثله ما يصطلح عليه بأدب السجون أو أدب البحر أو أدب الرحلة أوـ ـ ـ لأننا نعلم حجم التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسوسيوثقافية التي أحدثها اكتشاف المناجم في جميع أنحاء العالم ،تخيل لو لم يتم اكتشاف المناجم دون شك لبقي العالم ثابثا دون أن يتقدم أو يتطور أو يصل إلى ما وصل إليه الآن من رقي ولما استطاع أن يراكم الفعل الحضاري بجميع مستوياته ، للأسف الدارس لدرس الأدب وحتى للسوسيولوجيا غيب هذا المعطى من ذهنه ، أضف إلى ذلك هناك مدن في جميع أنحاء العالم ما كان لها أن تتأسس أو تتطور او توجد أصلا لولا المناجم مثل جرادة في المغرب خريبكة اليوسفية ــ ـ ـ قفصة في تونس ـ ـ بل ما كان للحضارة الحديثة أن تقوم ، بل هناك مجموعة من التجمعات الحضارية البترولية ما كانت لتوجد أصلا لولا البترول والغاز وبالتالي لا بد وأن يكون هناك أدب رصد مختلف هذه التحولات ووقف عند هذه الفضاءات تحدث عنها بشخوصها بتاريخها بتراثها بمعاناتها بآلامها بأحزانها بأفراحها بـ ـ ـ فالأمر لا يتطلب سوى النبش وسبر أغوار مختلف النصوص الأدبية ذات الصلة بهذه الفضاءات وهنا أتساءل لماذا لا يمكن أن نصنف خماسية مدن الملح للروائي الكبير عبد الرحمان منيف ضمن هذا الأدب ؟؟ ألم يقف الكاتب عند التحول الذي طرأ على مجتمع الجزيرة العربية باكتشاف البترول من مجتمع بدوي تقليدي إلى الحضارة ؟؟ وبالتالي فاشتغالنا على هذه التيمة يأتي ليكرس لفعل ثقافي جديد ينزاح عن السائد والمألوف ويبتعد عن الاجترار يسعى إلى خلخلة الفعل الثقافي في المغرب وفي العالم العربي فالقليل من التأمل لمجموعة من النصوص سواء داخل المغرب أو خارجه يجعلنا ندرك أن الموضوع صار يحقق المزيد من التراكم الإبداعي .

سؤال :
3 – ما هي الصعاب والعراقيل التي واجهتكم خلال عملكم الجمعوي ؟وكيف تواصلون العمل في ظل هذه العراقيل ؟؟

جواب:

  • بالنسبة للصعاب والعراقيل التي واجهتنا في إطار اشتغالنا جمعويا يمكن أن نختصرها تحديدا في تمويل المشاريع الثقافية خاصة بعد أزمة كورونا؛ لأن العمل الثقافي عموما للأسف الشديد تراجع بشكل كبير وطنيا ، ففي غياب التمويل لا يمكن القيام بأي نشاط ثقافي كيفما كان نوعه أو وزنه.

سؤال:
4 – ارتبط اسم مدينة جرادة بالمنجم هل لكم أن تقربونا أكثر من واقع جرادة والمنجم ؟؟

جواب:

  • مدينة جرادة، هي مدينة منجمية تم اكتشاف الفحم الحجري فيها سنة 1927 ليبدأ الإنتاج سنة 1933 إبان فترة الاستعمار الفرنسي ، وهي مدينة لولا المنجم لما كانت أصلا كحال العديد من المدن المنجمية في العالم ،لتبدأ في التشكل معالم مدينة من لا شيء بل من رحم الأرض ، فاكتشاف الفحم كان يتطلب اليد العاملة التي تعمل داخل الآبار والتي تعمل على إخراجه واستخراجه لتبدأ الحياة تدب شيئا فشيئا في هذه المدينة، وما يتطلبه الأمر من بناء المباني والمرافق من مدارس ومراكز صحية ودكاكين وسوق مارشي وـ ـ ـ لتصبح المدينة منطقة جذب لليد العاملة من كل المناطق المجاورة خاصة أبناء القبائل المحيطة لتتسع بعد ذلك شيئا فشيئا ويتم جلب اليد العاملة من كل مناطق المغرب من الشمال والجنوب والغرب والوسط لتصبح المدينة مغربا مصغرا يتعايش فيه الجميع وقد وحدهم العمل ووحدتهم المعاناة والأحزان والأفراح كلهم سواء ففي بعض الأحياء خاصة بعد فترة الحصول على الاستقلال يمكن أن تجد داخل الحي الواحد كوكطيلا من الانتماءات القبلية والكل متجانس متعايش ومتضامن ولا فرق بين هذا وذاك لأن المستعمر بعد اكتشاف الفحم في تأسيسه لمعالم المدينة كان يعزف على وترة التقسيم القبلي فأغلب الأحياء التي كانت تتشكل بداية الأمر لم تكن أحياء أصلا كانت عبارة عن مجموعة من الدواوير ،تجمعات لمجموعة من الخيام كل دوار مرتبط أصلا بانتماء قبلي، وهي سياسة اتبعها المستعمر بغاية الضبط وبث التفرقة بنية السيطرة على المجال ،لذلك نجد مجموعة من التسميات للأحياء إلى الآن فهي إما مرتبطة بانتماء قبلي معين أو بمدينة معينة ، حي أولاد سيدي علي ، حي أولاد عمروـ، حي بني اعلى ، حي الزكارة ،ـــ ـ ـ أو حي تازة ، حي دبدو ، ـ ـ ـ أو تلك الأحياء الراقية التي كانت تحتضن الأوروبيين وفيما بعد الأطر المشتغلة بالمنجم والتي يطلق عليها بالحي الأوروبي ، وهو تقسيم موجود في جميع المدن المنجمية دون استثناء لتصبح المدينة مغربا مصغرا بثقافات وتقاليد ولهجات متنوعة ومختلفة في تعايش تام قل نظيره ،فعيد العرش الذي كانت تحتضنه كل من حاسي بلال وجرادة ،كان يوما احتفاليا بامتياز ،جولة بسيطة تجعلك أمام لوحة فنية فولكلورية متنوعة وإيقاعات مختلفة من الظهرة ،من الصحراء ، من سوس ، من جميع مناطق المغرب بانتماءاته القبلية المتنوعة ،لوحة فنية اسمها المغرب داخل مدينة الفحم جرادة ،تلك المدينة المعطاء بفحمها ومعملها الحراري الذي تم تشييده بداية السبعينيات بحاسي بلال والذي شكل معلمة طاقية حقيقية مكنت المغرب من التخفيف عن الأزمة الطاقية التي كان يعيشها وقتها ،ويستمر العمل ويستمر الإنتاج ،وإلى جانب ذلك تستمر معاناة العمال ومعاناة ذويهم ،فالحوادث كانت يوميا ،والإصابات كانت يوميا ، ومن لم يمت بفعل انهيار المنجم فالإصابة بمرض السيليكوز اللعين الذي يفتك بالجهاز التنفسي بلا رحمة في انتظاره ،وبالتالي استمرار جحيم المعاناة ،لكن بالرغم من هذا الواقع المأساوي كانت هناك الحياة فمن الموت كانت تنبعث الحياة ،ومن الحزن كان ميلاد الفرح ، ومن الألم كان الأمل ، ومن السواد كان البياض بسبب تلك الحركية الاقتصادية التي كانت بفعل المنجم والتي كانت تحرك العجلة الاقتصادية والاجتماعية بشكل رهيب ليس في جرادة وحدها ،بل في المغرب بأكمله فالوقوف عند التحويلات المالية صوب جميع مناطق المغرب تجعلنا ندرك هذه الحقيقة دون استحضار ما كان يبعث أو يرسل بالطرق التقليدية بواسطة أشخاص ،في سنة 1998 يبدأ مسلسل الإغلاق وبالتالي الدخول في دوامة جديدة ستعمل عل تغيير معالم المدينة رأسا على عقب ،ركود اقتصادي وهجرة جماعية إما صوب الضفة الأخرى بامتطاء قوارب الموت أو صوب المدن الأخرى بحثا عن الحياة وعن الخلاص ،ومن لم يستطع فالخيار الوحيد الذي كان أمامه هو الاشتغال داخل الآبار العشوائية أو ما نسميه بالساندريات والتي لم يستفد منها سوى بعض أباطرة الفحم أما البقية الباقية فلم تجن سوى الفقر والأمراض وتلك حكاية حزينة أخرى.

سؤال:
5 – المنجم بقدر ما يساهم في إيجاد فرص الشغل بقدر ما له سلبيات كيف ترون ذلك ؟؟

جواب:

  • المنجم هو المجال الحيوي لاستخراج الفحم الحجري وما يتطلبه ذلك من يد عاملة تعمل على الحفر والاستخراج ، ما يعني ذلك العمل في ظروف لا تطاق في مكان ضيق جدا أشبه بشرايين ضيقة لا تتجاوز أحيانا أقل من متر أو نصف متر وبالتالي التعرض لانهيارات جبلية مميتة وهي الحوادث التي كان يذهب ضحيتها العديد من العمال خاصة في فترات زمنية ترتبط بذروة الإنتاج في غياب ظروف السلامة ومن نجا السليكوز في انتظاره بمعنى أن المنجم بقدر ما كان يخلق الحياة كان يصنع الموت أيضا .

سؤال:
6: نعلم جيدا أن أدب المناجم يحفظ الذاكرة ويحميها من الضياع هل ديوان يوسف الفحمي يخدم ذاكرة جرادة ؟؟

جواب:

  • أدب المناجم هو ذلك الأدب الإنساني المرتبط بالأمكنة المنجمية ، هذه الأمكنة التي كانت تصنع الحياة وتصنع التاريخ والأحداث ، هذه الأمكنة التي كانت تستقطب العديد من الأعراق والعديد من الأجناس والعديد من الثقافات ، هذه الأمكنة التي كانت تعرف تنوعا ثقافيا ساهم في تشكل في بيئة منجمية لا يمكن أن تجدها في أي مدينة أخرى ،بيئة منجمية بتعددها وتنوعها استطاعت التعايش والعيش بشكل مشترك متجانس يسوده التضامن والتآزر ، وقد وحدها الحزن والحلم والبوصلة الواحدة ، وبالتالي فأدب المناجم هو ذلك الأدب الذي يأبى إلا أن ينفتح على ذاكرة المناجم وتاريخ وتراث المناجم لا ليبكي ولكن لحفظ الذاكرة من جهة وصونها من خلال الأدب لتكون متاحة للأجيال التي لم تعش هذه البدابات، وهذا التاريخ المنجمي الذي بطبيعة الحال لن يقف عنده المؤرخون فهم غالبا لا يقفون عند الهامش والمهمشين من عمال وكادحين و ـ ـ ـ ، لكن الأدب بوسعه فعل ذلك بوسعه النبش في الذاكرة بوسعه النبش في التاريخ والتراث بوسعه الإنصات لآلام وصرخات العمال والمستضعفين وبالتالي فديوان يوسف الفحمي هو إنصات للذات من جهة، لأني عشت تجربة شخصية مع الوالد رحمه الله بحكم إصابته بمرض السيليكوز اللعين ووقفت حقيقة عند حجم المعاناة الحقيقية التي كان يعيشها حينما لا يقف على التنفس ولا يقف على الحركة لأن المرض يتلف الرئتين ، وبالتالي هو صرخة لإسماع صرخات من مضوا ومن ضحوا بكل ما كانوا يملكون لتستمر حياة الآخرين ، هو صرخة للوقوف عند مدينة كيف تشكلت بفعل الفحم الحجري ، هو سيرة للسواد سيرة لمدينة ما كانت لتوجد لولا الفحم.

سؤال:
7 – ماذا قدم المنجم والعمل الجمعوي للدكتور السهلي عويشي ؟

جواب:

  • في المنجم كان الميلاد، وفي هذه المدينة ودعت أبي وهو يصارع مرض السيليكوز اللعين ،في هذه المدينة كبرنا وعانقنا أحلامنا البسيطة ونحن بين ظهرانيها نعيش طفولتنا ، وبالتالي لا يمكن أن نكون إلا أوفياء لمدينة أنجبتنا ، ففي رحمها تمت محاربة المستعمر الفرنسي وانطلقت الشرارة الأولى للحركة النقابية بالمغرب ، لا ننسى أول خلية نقابية في المغرب كانت في جرادة وانطلقت في تجمع نقابي في أربعينيات القرن الماضي بعيدا عن أعين المستعمر بإحدى الدواوير القروية وتدعى عكاية والتي حضرها الطيب بنبوعزة الذي يعتبر من القادة داخل نقابة الاتحاد المغرب للشغل بعدما تأسست لاحقا ، هذا الحدث لم يقف له المستعمر الفرنسي موقف المتفرج بل كان الذريعة لاعتقال الوطنيين من جهة ثم لتنفيذ المخابرات الفرنسية عمليتها الإرهابية بتنسيق مع الوكالة الدولية لتهجير اليهود أي ما يعرف بزازة اليهود سنة 1948 وتلفيق التهمة للمغاربة ،في مدينة جرادة أيضا كان الفعل السياسي الجاد ، وفيها أيضا كانت الحركية الثقافية الدؤوبة كخلية نحل في المسرح وفي تنشيط مختلف الأمسيات الفنية التي كان يشهدها المركز الثقافي بمدينة جرادة كمعلمة ثقافية تاريخية في المدينة.

سؤال:
8 – ما هو نصيب أعمالكم من أقلام النقاد ؟؟

جواب:

  • العمل الذي حظي بالدراسة والاشتغال أكثر هو رواية الحوت البري كرواية نالت الكثير من الاهتمام من قبل الباحثين سواء داخل المغرب أو خارجه خاصة في تونس والجزائر بحكم ارتكازها على تيمة المناجم كالباحث محمد العرجوني ومحمد عبد الهادي زعبوطي والباحث عبد القادر امحمدي والباحث مهدي نقوس والباحثة الجزائرية نسرين دهيلي ـ ـ ـ

سؤال:
9 – من موقعكم كناقد ماهي في تصوركم الشروط التي تساعد على إرساء نهضة أدبية وثقافة شاملة ؟؟

جواب:

  • إن إرساء أي نهضة أدبية وثقافية يتطلب بداية الاهتمام بالتعليم أولا وأخيرا قصد صناعة الإنسان؛ لأنه هو الصانع الحقيقي لأي فعل نهضوي، ولن يتم ذلك إلا بإنسان قاريء إنسان متعلم مثقف عالم وفاعل في الحقل الثقافي ومساهم فيه من خلال تشجيع الفعل القرائي داخل المؤسسات التعليمية ابتداء من المؤسسات الابتدائية وتقوية الصلات والقدرات بفعل الكتابة ولن يتحقق ذلك إلا بانخراط الآلة الإعلامية بجميع مستوياتها مرئية ومسموعة عبر الترويج لذلك والتسويق للثقافة الجادة العالمة لا التسويق لثقافة الرداءة والتفاهة التي ملأت الساحة الإعلامية للأسف الشديد في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت تشجع على مثل هذه الأشكال التي لا يمكن أن نسميها ثقافة إذ الثقافة منها براء ثم الانكباب على أن تعود الأسرة لممارسة دورها الريادي الذي كان لها في السابق في تربية النشء والاهتمام به وتربية الحس الذوقي والجمالي والقرائي السليم ، وذلك لن يتم إلا في أسرة متوازنة سليمة ،ثم لا ننسى الدور الذي يمكن أن تلعبه تنظيمات المجتمع المدني بجميع تلاوينها في الاهتمام بالفعل الثقافي وتشجيعه دون أن ننسى الجهات الحكومية الرسمية مركزيا وجهويا ومحليا والدور المحوري الذي يمكن أن تلعبه في التنمية الثقافية من خلال الدعم والمواكبة والتشجيع ،خلاصة نحن في أمس الحاجة لثورة ثقافية ينخرط فيها الجميع كل من موقعه وكل من مسؤوليته.

سؤال:
10 – كيف للناقد أن يزاوج بين النقد والإبداع ؟ وهل يكون النقد حاضرا أثناء عملية الإبداع ؟؟

جواب:

  • المزاوجة بين النقد والإبداع أمر ليس بغريب داخل الساحة الثقافية المغربية والعربية عموما بل وحتى العالمية ، لذلك نجد العديد من النقاد هم مبدعون أصلا قبل أن يكونوا نقادا وباحثين ، وبالتالي لا غرابة في ذلك ، والإنسان المبدع حين يبدع تجده مسلحا دون شك بالمادة النقدية وقواعدها التي يدرسها ويدرسها ليجد نفسه مبدعا وناقدا وهو ما يجعله أحيانا ممزقا بين فعله الإبداعي التحرري نوعا ما وبين سلطة النقد الصارم فأيهما يختار ، من موقعي أفضل أن أكون مبدعا أكثر مني ناقدا ربما تأثير النشأة داخل مدينة منجمية ترفض الانصياع والانقياد وتأبى إلا أن تحلق والتحرر من كل قيد وهو ما جعلني أميل أكثر إلى الشعر أكثر من غيره من الأجناس الإبداعية الأخرى .

سؤال:
11 – أستاذي الفاضل كيف تفسرون علاقة الثقافة بالفكر وأيهما أكثر تأثيرا في الآخر ؟؟

جواب:

  • أعتقد أن العلاقة بين الفكر والثقافة هي علاقة معقدة ومتشابكة وإذا ما طرحنا السؤال أيهما ينتج الآخر هل الثقافة تنتج الفكر أم الفكر هو الذي ينتج الثقافة ؟؟ أعتقد أن ذلك سيدفعنا حتما إلى تحديد المفاهيم فتحديدها دون شك سيؤدي بنا إلى إدراك طبيعة العلاقة ،فإذا كانت الثقافة عموما هي مجموع المعارف التي يراكمها الإنسان مع مرور الزمان داخل المجتمع من عادات ومعتقدات وتقاليد وقوانين وقيم وأفكار ومشاعر وـ ـ ـ وإن كان الفكر هو الكفيل بالممارسة الذهنية والعقلية التي يقوم بها الإنسان ، إذن فكلاهما مرتبط بالفعل الإنساني إلا أن تحديد العلاقة يستلزم الوقوف عند طبيعة هذا الإنسان في حد ذاته وطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه ، فالمجتمع الذي تطغى عليه الخرافات والتفاهات ليس هو المجتمع الذي يقوم على إعمال العقل في كل شيء. والمجتمع الذي يخضع كل شيء للعقل ليس هو المجتمع الذي يرى عكس ذلك وبالتالي فكل مجتمع من هذه المجتمعات له ثقافته التي تؤطره والمرجعية التي تحكمه، وبالتالي فالعلاقة بين الفكر والثقافة هي علاقة جد معقدة، وتحكمها الكثير من المسارات قد تكون أحيانا منسجمة، وقد تكون في أحايين أخرى متوترة وهو ما ينتج عنه نوعا من التدافع الفكري.

سؤال:
12 – دكتور لو سألتكم عن إصدارات المرأة المغربية فيما يخص أدب المناجم ؟؟

جواب:

  • بالنسبة لإصدارات المرأة في أدب المناجم في عالمنا العربي على المستوى الإبداعي قليلة جدا؛ لأنه مازال أدبا يحاول أن يحقق المزيد من التراكم من جهة ثم ثانيا باعتباره أدبا له خصوصيته كونه ارتبط بمعاناة رجل المناجم وبالتالي الكتابة الإبداعية فيه من قبل المرأة نوعا ما صعبة تتطلب الاحتكاك بالعمال وبطبيعة الاشتغال وببيئة العمل إلى غير ذلك من العوامل التي تجعل من مهمة المرأة المبدعة فيه نوعا ما صعبة إلا أن ذلك لم يمنع من ظهور بعض الأقلام النسائية التي حاولت بشكل جدي إماطة اللثام عن هذه التيمة، وهنا لا بد من التذكير بمساهمات الشاعرة والروائية ابنة مدينة جرادة حليمة الاسماعيلي التي قاربت التيمة شعرا ورواية من خلال مجموعة من القصائد وفي الرواية خاصة في روايتها التي أصدرتها حديثا رجال العتمة التي يمكن تصنيفها ضمن أدب المناجم أما في الأبحاث فهناك العديد من الباحثاث في التيمة في المغرب مثل الباحثة كلثومة الكرش، وذة نزهة بودوح، وفي تونس عائشة الثايب، ومن الجزائر نسرين دهيلي وصورية جيجيخ وغيرها من الأسماء. وتجدر الإشارة إلى أن الموضوع مازال بكرا في الساحة الإبداعية العربية يحتاج إلى المزيد من النبش لم يحظ للأسف الشديد بالاهتمام من قبل الباحثين حتى داخل الجامعة المغربية لمجموعة من الأسباب لعل أبرزها من يؤطر مثل هذه الأبحاث؛ لأن البحث في الثقافة المنجمية، والأدب المنجمي ليس بالأمر السهل ويحتاج إلى من خبر البيئة المنجمية ويعرف تمفصلاتها التي يتقاطع فيها النقابي بالسياسي بالاقتصادي بالاجتماعي بالأنتربولوجي بالتاريخي، ولا يمكن أن يفك هذه الشفرة إلا من خبر مدن المناجم .

سؤال:
13 – ما هو المشروع النقدي الذي يشغل بالكم ؟
جواب:

– حقيقة إن ما يشغل بالي ولمدة طويلة هو التفكير بشكل جدي لتأصيل أدب المناجم وهو ما زال يشغل حيزا من تفكيري باعتباره موضوعا له جاذبيته وراهنيته خاصة ونحن نتواجد بجهة منجمية بامتياز من الناظور حيث الحديد إلى جرادة سيدي بوبكر وتويسيت وبوعرفة، لكن للأسف الشديد أن مجموعة من المشاريع تصطدم بالواقع الذي نعيش والذي لا يشجع إطلاقا ، أما المشروع الثاني فهو البحث في تاريخ مدينة جرادة وثقافتها وتراثها خاصة وهي مقبلة على الاحتفال بذكراها المائوية الأولى سنة 2027ـ

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق