الجشع يهدد نمو السياحة في المغرب؟

7 مايو 2024آخر تحديث :
الجشع يهدد نمو السياحة في المغرب؟

عززت الزيادات الأخيرة في أسعار تذاكر الطيران من قبل شركات النقل الجوي الكبرى والجشع في تطور أثمنة الإقامة في الفنادق ومؤسسات الإيواء السياحي مخاوف كبح وتيرة تدفق السياح الأجانب إلى المغرب، خصوصا أن هذه الوتيرة سجلت تسارعا مهما خلال الفصل الأول من السنة، على الرغم من تزامن رمضان مع شهر مارس الماضي، حيث قفز عدد الوافدين إلى 3.3 ملايين شخص، بزيادة نسبتها 12.8 في المائة مقارنة مع الفترة نفسها من السنة الماضية؛ فيما مثلت نسبة الفئة المذكورة من السياح 55 في المائة من الزائرين.

ويكتسي شهرا أبريل وماي أهمية كبرى بالنسبة إلى الفاعلين في القطاع السياحي بالمغرب، باعتبارهما مقدمة لفترة الذروة بالسوق، حيث يتزايد الطلب تدريجيا قبل حلول موسم العطلة الصيفية وعودة المهاجرين المغاربة في الخارج؛ فيما تخضع أسعار تذاكر الطيران وأثمنة الإقامة في الفنادق لقانون العرض والطلب، الأمر الذي أتاح للفاعلين إقرار زيادات مدروسة، باعتبار إكراهات المنافسة وتداعيات التضخم في البلدان المصدرة للسياح والمملكة (البلد المستقبل)، حيث يعتبر معدل الإنفاق السياحي “بارومتر” قياس نشاط القطاع ومستوى مردوديته.

وقلل فاعلون من أهمية زيادات الأسعار مقارنة مع مستوى الجذب المتصاعد للوجهة المغربية، التي عرف الترويج لها مجموعة من المستجدات أخيرا، حيث تم تكثيف خطوط الربط بالنقل الجوي، خصوصا عبر شركات النقل منخفض التكلفة “اللوكوست” وكذا الاعتماد من قبل المكتب الوطني المغربي للسياحة على توجه جديد في الترويج عبر محتوى مواقع التواصل الاجتماعي، في سياق مبادرة “تريند هاوس”، التي تركز على موقع “تيك توك” للتعريف بالمؤهلات السياحية للمملكة.

تداعيات التضخم
اختلف حجم تأثير التضخم حسب درجة استجابة القطاع السياحي والاقتصاد المغربي خلال الفترة الماضية؛ فقد أظهر تحليل الوضع الحالي والتوقعات المستقبلية مقاومة السياحة الوطنية لتغيرات أسعار المحروقات والمواد الغذائية وكذا تقلبات أسعار صرف العملات.

وفي هذا الصدد، حافظت وتيرة تدفق السياح الأجانب على مسارها التصاعدي منذ السنة الماضية، حيث استقبلت المملكة 14.5 ملايين سائح؛ ما مثل تقدما ملحوظا بزيادة نسبتها 34 في المائة مقارنة مع 2022.
وبالنسبة إلى مراد بيوض، وكيل ومتعهد أسفار بمراكش، فعلى الرغم من ارتفاع أسعار تذاكر الطيران والإقامة منذ الشهر الماضي، بعد رمضان مباشرة، فإن الطلب على الوجهة المغربية، خصوصا مراكش وأكادير، واصل منحاه التصاعدي.

وفي هذا السياق، أفاد الفاعل المهني بأن الحجوزات وصلت إلى مستوى الذروة بالمدينة الحمراء للأشهر الثلاثة المقبلة، مشددا على أن الأسعار محكومة بقانون العرض والطلب في السوق؛ وبالتالي فالفاعلون مطالبون باستغلال هذه الفرصة وتكثيف استثماراتهم من أجل توسيع العرض، الذي يحفز الإنفاق اليومي للسائح.

وأضاف بيوض، أن تطور التضخم لم يهم المغرب فقط، بل شمل البلدان المصدرة للسياح؛ ما خفف من حجم تأثيره على وتيرة تدفق السياح الأجانب الذين بلغت نسبتهم 55 في المائة من إجمالي الوافدين على المملكة خلال أول فصول السنة الجارية.

وأوضح المتحدث عينه أن ارتفاع مستوى الأسعار بشكل عام، بما في ذلك تكاليف السفر والإقامة والأنشطة السياحية، لم يؤثر بشكل كبير في كلفة السياحة بالمغرب ولم يقلل من جاذبيته كوجهة سياحية.

عدالة مجالية
سلطت المعطيات الصادرة عن المرصد الوطني للسياحة أخيرا الضوء على تركز تدفق السياح المغاربة والأجانب خلال الفصل الأول من السنة الجارية في مراكش ثم أكادير والصويرة، فيما تراجعت الدار البيضاء والرباط وفاس وطنجة؛ وهي المعطيات التي كشفت عن اختلالات في العرض السياحي على المستوى الجغرافي، من خلال استقبال مراكش وأكادير لما نسبة 64 في المائة من السياح الوافدين، بنسبة بلغت على التوالي، 40 في المائة و24 في المائة.

من جانبه، أكد الزبير بوحوت، خبير سياحي، أن ارتفاع أسعار تذاكر الطيران لن يؤثر بشكل كبير على الطلب، باعتبار أن هاته الفئة من الناقلين تتوفر على زبناء من نوع خاص لا تشكل زيادة السعر فرقا بالنسبة إليهم، حيث يحرصون على جودة وتنوع الخدمات بالدرجة الأولى، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الإقامة السياحية.

وأوضح بوحوت، أن الوضع لا يختلف كثيرا بالنسبة إلى زبناء الناقلين منخفضي التكلفة “اللوكوست”، حيث لا يحسون بارتفاع سعر التذكرة خلال فترة الذروة من 25 أورو في المتوسط إلى 100 أورو؟

وأشار الخبير السياحي إلى أهمية تركيز وزارة السياحة والفاعلين في القطاع على تعزيز استثماراتهم خلال ما تبقى من أشهر السنة من أجل تحقيق الاستفادة القصوى من الطلب المتزايد، خصوصا خلال موسم عطلة الصيف.

وشدد المتحدث على أن العرض ما زال محصورا جغرافيا في مدينتين، ويتعين توسيعه ليشمل مناطق أخرى في المملكة؛ وذلك عبر تطوير خطوط الربط الجوي، وتنمية مشاريع الترويج السياحي حسب طبيعة الوجهة وخصوصيتها.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق