الحياة بعد كورونا… ما هو تأثير شهرين من الحجر على حياتنا الخاصة والنفسية وعلاقتنا مع الآخرين؟

27 أبريل 2020آخر تحديث :
الحياة بعد كورونا… ما هو تأثير شهرين من الحجر على حياتنا الخاصة والنفسية وعلاقتنا مع الآخرين؟

اريفينو/ بقلم خالد الواتي

منذ ظهور وباء كورونا وبعده فرض الحجر الصحي للحد من انتشاره، أصبحنا نتعايش مجبرين مع أوضاع دخيلة على مجتمعنا : ارتداء الكمامة في تنقلاتنا، وتجنب المارة بعناية، تجنب لمس أي شخص، الحذر من الحشود، الحذر من الآخرين بشكل عام، من مقابض الأبواب، الحذر من كل الأشياء التي تحيط بنا، العمل والدراسة عن بُعد لأسابيع، المقاهي، الملاعب، الأسواق كلها مغلقة، زيارات العائلات معلقة، …
الآن ونحن ندخل عصر “لا تلامس”، مع أن اللمس هو أحد حواسنا الأساسية، التي يتم من خلالها ربط أغلب العلاقات، فقد باتت هذه الحركة لا رجعة فيها : لا تلامس عند الأداء، لا تلامس للدخول أو الخروج، لا تلامس مع الآخرين …،
ومع احتمال رفع الحجر يوم 20 ماي في المغرب، نتساءل جميعًا كيف ستبدو الحياة بعد الوباء ؟ الأكيد أننا سنعيش بشكل مختلف وسيرافق عيشنا الخوف الدائم من الفيروس التاجي.
ولا شك أنني، مثلكم، لم نتفاجأ بإعلان الحكومة المغربية تمديد الحجر الصحي. ولكن، مثلكم أيضا، اعتقدنا أننا بدأنا نجد الوقت الكافي لأنفسنا للإجابة على الأسئلة لا تزال عالقة بالنسبة لنا والمتعلقة أساسا بسبل العودة إلى حياتنا السابقة في الأشهر المقبلة. فالحياة، التي ستُستأنف تدريجيا، لن تكون هي نفسها بعد الآن.
إذا كان الكثير من المغاربة ينتظرون يوم 20 ماي 2020 للاحتفال برفع الحجر الصحي، فمع الغموض الذي يحيط بالأسابيع المقبلة، ليس من المرجح أن يزيل هذا القلق الذي يلتصق بنا مع ظهور وفيات بسبب فيروس كورونا وبالتالي فإن نظام العيش ربما سينقلب رأساً على عقب.
ولنا عبرة في التقارير الآتية من الخارج. في مدينة ووهان، مركز الوباء، يبدو الضرر النفسي للسكان جليا من خلال الاكتئاب والقلق والعصبية التي تصاحب حياتهم الاعتيادية بعد رفع الحجر الصحي، في الدانمارك، عودة التلاميذ إلى صفوف الدراسة كانت محتشمة وفي النمسا، أصبح وضع الكمامات في وسائل النقل إجباريا، فكيف سيكون حالنا بعد رفع الحجر الصحي في المغرب ؟
خطر العدوى يقوض العيش معا
التواصل، والعيش المشترك، والحياة في المجتمع كلها ضحايا جانبية للفيروس. يقول ستيفن شابين، الأستاذ في جامعة هارفارد : “من أجل الاستمرار في العيش في نفس القارب، قد نضطر إلى تعلم بنائه معا”.
الأمراض المعدية ليست وليدة اليوم بل كانت دائما موجودة عبر العصور، لكن فيروس كوفيد 19 تميز عن سابقه بالتأثير على كل من الجسم المادي والجسم الاجتماعي، حتى صار مصطلح : “العدوى” مرتبطا بكلمة “اللمس”.
يختبر كوفيد 19 طبيعة علاقاتنا الاجتماعية.، فهو يؤثر على حياتنا الاجتماعية بأربعة طرق رئيسية على :
1. الإيماءات اليومية للحياة الاجتماعية،
2. الانكسارات داخل المجتمع، والتي تحدد طريقة حياتنا ومخاوفنا،
3. مفهومنا للحواجز الاجتماعية،
4. السلوكيات الاجتماعية المتاحة لنا استجابة للتهديدات الخارجية.
المصافحة، لفتة ثقة …
عُرف المجتمع المغربي بتشارك وتقاسم أحزانه وأفراحه من خلال المصافحة. إذا لم نتمكن من البكاء معًا في الجنازات والاحتفال معًا في حفلات الزفاف، فإن هذه الأحداث تبقى ظلا خاصا لنفسها. فالمصافحة والقبلة والعناق كلها إيماءات تحدد، حسب نمط تنفيذها ومدتها، طبيعة علاقاتنا ومعناها وشدتها.
لسنوات، عرَّف علماء الاجتماع في العلاقات الفردية المصافحة بأنها طقوس للوصول إلى الآخر، وطريقة لفتح علاقة جديدة وإغلاقها، وقول من نحن وماذا تتوقع من الآخر. تاريخيا، لم يتصافح الرجال دائمًا ولم يصافحوا النساء دائمًا.
فيما يخصنا نحن، فإننا نخسر الكثير من الأشياء عندما نفقد القبلة أو العناق أو المصافحة. نخسر علامات حمييميتنا وتعلقنا، وهذه العلاقة الحميمية والتعلق يغيبان في اللحظة التي نحن في أمس الحاجة إليهما بسبب الكورونا.
مناورات التجنب والتفادي …
يعيد كوفيد 19 كتابة التاريخ وطريقة التعبير عن تعلقنا ببعضنا البعض، فظهرت حركات “شد المرفق” و”تحية القدم”، لكن هذه الإيماءات ليست طبيعية بالنسبة لنا : عندما نمارس هذه الحركات، تظهر علامات خجل وحرج كبيرة على وجوهنا. لنفترض أن صديقًا يتواصل معك أو يريد أن يأخذك بين ذراعيه : إذا رفضت، فستبدو غبيًا؛ وإذا وافقت، فإنك تتجاهل الإرشادات الصحية وخطر انتقال الفيروس، فليس من السهل اليوم النظر إلى أنفسنا وأصدقائنا وأفراد عائلاتنا كخطر محتمل يهددنا. المصافحة غير المحمية تنضاف الآن إلى العلاقات الجنسية غير المحمية خلال فترة الإيدز (السيدا) كعلاقات غير مسؤولة وحتى غير أخلاقية.
يأمرنا نظام التباعد الاجتماعي بالابتعاد عن بعضنا البعض، حيث أصبحت الأرصفة والمحلات التجارية الآن مسرحا لمناورات للتفادي تقودنا إلى سؤال أنفسنا : هل يجب أن نجد وسيلة لتفادي وتجنب الشخص الذي يسير نحونا ؟

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق