الدولة المغربية لن تخسر شيئا من الزيادات الأخيرة..هذا هو السر؟

5 مايو 2024آخر تحديث :
الدولة المغربية لن تخسر شيئا من الزيادات الأخيرة..هذا هو السر؟

يتطلب توقيع الحكومة اتفاقا مع المركزيات النقابية، وما رافقه من إقرار زيادة في أجور آلاف موظفي جميع القطاعات، نفقات تكلف خزينة الدولة ميزانية ضخمة تُقدر بملايين الدراهم، ما يطرح أسئلة حول سبل الحكومة لإيجاد هذه التكاليف الجديدة، في ظل الوضعية المتأزمة التي يمر منها اقتصاد المغرب.

للوقوف حول هذا الموضوع، تم اجراء الحوار التالي مع، ‬إدريس‭ ‬الفينة،‭ ‬الخبير‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ورئيس‭ ‬مركز‭ ‬المستقبل‭ ‬للتحليلات‭ ‬الإستراتيجية هذا نصه:

-من أين ستأتي الحكومة بنفقات تغطية الزيادة في الأجور؟

أولا الزيادة تهم فئة المأجورين سواء في القطاع العام أو الخاص، بالنسبة للقطاع العام هناك مجموعة من القيود بالنسبة للحكومة وهي قيود مرتبطة بالمداخل الجبائية، حيث إذا تم الرفع من أجور الموظفين ستنعكس مباشرة على الدخل الضريبي الأعلى.

نلاحظ من جهة ثانية أن الإصلاحات الضريبية التي قامت بها الحكومة مؤخرا، أعطت دفعة كبيرة للمداخل الجبائية. المغرب ليس لديه أي مشكل على هذا المستوى، على عكس مصر مثلا.

المغرب في وضع، كما يشهد بذلك حتى البنك والصندوق الدولي، ماليته وتوازناته الماكرو اقتصادية، صلبة.

ثانيا هناك نسبة ما يسمى عقلنة المصاريف المرتبطة بالأجور مقارنة بالناتج الداخلي الخام الذي يجب ألا تتعدى 12 في المائة، ويتم احترام هذه النسب في السنوات الأخيرة بشكل كبير. وهي شرط من شروط المؤسسات المالية الدولية.

لا يجب أن ننسى أيضا أن تحسين أجور الموظفين ستنعكس إيجابا على تحريك العجلة الاقتصادية.

اليوم الشركات تشتكي لأن الطلب تراجع والسبب هو أن القدرة الشرائية للأسر تآكلت بسبب التضخم، والادخار تآكل أيضا، وبالتالي لم يعد بمقدورهم الاقتناء بشكل سهل كما السابق.

من شأن تحسين الدخل أن يحرك الطلب الداخلي الذي من شأنه تحريك الاقتصاد بشكل عام وعلى النمو بشكل عام والضرائب الجديدة التي تسمح بتغطية مصاريف الزيادات.

هذه الزيادات ستمول نفسها بنفسها، لأنه إذا تحرك معدل النمو يعني مستوى الضرائب سيتحسن وبالتالي ستغطي هذه المصارف.

يتضح لي أن منظور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، منظور رجل أعمال، عكس بنكيران الذي كان لديه منظور مبسط وليس لديه رؤية اقتصادية.

أخنوش مثل جطو، الذي يرى أنه لتحريك عجلة الاقتصاد، يجب تحريك الطلب الداخلي والاستهلاك.

_ سياق الزيادة في الأجور بربطها بتنزيل الدولة الاجتماعية؟

بطبيعة الحال الحكومة منسجمة مع الشعار الذي رفعته حول مسألة تركيز الدولة الاجتماعية، الذي يعني توزيعا أفضل للثروة، تقليص الفوارق الاجتماعية، الاهتمام بالطبقات الوسطى خصوصا في شقها ذات الأجر المحدود.

لاحظنا من خلال الأوراش التي انطلقت السنوات الأخيرة، المرتبطة بالدعم الإجتماعي، تعميم التغطية الصحية، التعويض عن البطالة.

كلها أوراش مرتبطة بتركيز الدولة الاجتماعية، ثم تأتي الآن مسألة تحسين الأجور بشكل عام، بالنظر إلى ما خلقه التضخم من ارتفاع في الأسعار وتآكل القدرة الشرائية للطبقة العاملة. ومن شأن تحسين الأجور هذا أن يعوضا شيئا الأسر المعنية في تآكل القدرة الشرائية.

-هل تساهم سياسة الحكومة هاته في تعميق الأزمة الاقتصادية الحالية أم هي توجه للخروج منها؟

بطبيعة الحال الخطوات التي قامت بها الحكومة هو سلاح ذو حدين، يعني يمكن أن يؤدي إلى كارثة اقتصادية، أو يؤدي إلى تسريع النمو الاقتصادي.

كارثة اقتصادية كما حدث في اليونان أو في الأرجنتين، لماذا لأن توجه الدولة الإجتماعية لم يتم مقرونا بتطوير الاقتصاد، الرفع من معدلات النمو ومداخيل للدولة. كان هناك توزيع كبير وشديد للثروة دون أن ينعكس ذلك على الرفع من المردودية العامة للطبقة العاملة.

الحكومة مطالبة بمراقبة التوازنات الماكرو اقتصادية، مراقبة النمو الاقتصادي، مراقبة المداخيل الضريبية. وأن تحاول في السنوات المقبلة أن تخلق دينامية اقتصادية مرتفعة لأن كل شروطها متوفرة خصوصا الأوراش الكبيرة المرتبطة بتنظيم المونديال، التي ستخلق زخما ونموا اقتصاديا كبيرا وقويا. خلق مزيدا من مناصب الشغل.

إذن كما قلت مسلسل تحسين القدرة الشرائية ضروري ربطه بتطوير المنظومة الاقتصادية بشكل عام على كل المستويات خصوصا على مستوى النمو الاقتصادي ومستوى المداخيل التي يمكن أن تجلبها من خلال النمو المرتفع المرتقب خلال السنوات المقبلة.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق