تغييرات منتظرة في أسعار المحروقات في المغرب؟

4 مايو 2024آخر تحديث :
تغييرات منتظرة في أسعار المحروقات في المغرب؟

رصدت “مذكرة الظرفية” الأخيرة الصادرة عن مديرية الدراسات والتوقعات المالية، التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، قدرة المالية العمومية على خفض عجز الميزانية بنسبة 9,5 في المائة على أساس سنوي إلى حدود 9.6 مليارات درهم، حسب الأرقام الرسمية المحصورة إلى غاية نهاية شهر فبراير الماضي، ناتجة بشكل خاص عن زيادة الإيرادات والمداخيل العادية (+ 16%)، التي تظل “أكبر من إجمالي النفقات العمومية” (+ 10.9%).

ورسمت الوثيقة الرسمية الصادرة برسم شهر أبريل 2024، مشهداً لتطورات الاقتصاد الوطني بقطاعاته الثلاثة، فضلا عن تسجيلها، ضمن أبرز الخلاصات، “ارتفاع” المشتركين في حظيرة الهاتف المحمول والإنترنت بالمغرب.

وبخصوص القطاع الفلاحي سجلت المذكرة “تحسُن تراكم الأمطار، ما يؤثر بشكل إيجابي على الغطاء النباتي للدورات الزراعية، وزراعة أشجار الفاكهة ومحاصيل الزراعات الربيعية، رغم استمرار الإجهاد المائي”.

أما الصناعات فعرفت، وفق المصدر ذاته، “تطورات إيجابية إلى متم فبراير 2024 على مستوى قطاع التعدين (إنتاج الفوسفات الخام: +39.6%)، وإنتاج الطاقة الكهربائية (+9.5٪) وقطاعات التصنيع (+5.8 نقطة إلى 78.6٪)؛ مع انخفاض طفيف في النشاط لقطاع البناء (مبيعات الإسمنت: ناقص 0.4% في نهاية مارس 2024)”.

وسجلت الوثيقة “الأداء الجيد لمؤشرات السياحة في بداية عام 2024 (الوافدون: +12.8% في نهاية مارس وليالي المبيت +7.3% في نهاية فبراير)، وكذا دينامية النقل الجوي للمسافرين (+16.9% في نهاية فبراير)”، مع التنويه بـ”ديناميات مواتية لنشاط الموانئ بنهاية 2023 (+7.4%)، والتطور الإيجابي لقطاع الاتصالات خلال السنة الماضية (حظائر خدمات الهاتف المحمول والإنترنت: +5.6% و +7.6% على التوالي)”.

“مؤشرات ملوَّنة بالأخضر”
ضمن قراءته معطيات المذكرة وبياناتها قال محمد جدري، باحث في الاقتصاد، إن “المؤشرات التي جاءت بها مذكرة الظرفية لوزارة الاقتصاد والمالية تبقى مهمة، لأنها تمنح الفاعلين الاقتصاديين نظرة أشمَل عن كيفية مرور الأشهر الأخيرة وظروفها”، مؤكدا أن “مجموعة من المؤشرات الاقتصادية يمكن القول إنها خضراء، ما يعني أن الوضعية جيدة؛ خاصة في ظل سياق دولي مشجّع يجعل المغرب مرئيًا أكثر في الساحة الدولية، مع مراجعة صندوق النقد الدولي نسب النمو المتوقعة”.

كما استحضر المحلل الاقتصادي نفسه “ثبات أسعار الطاقة ضمن مستويات مقبولة، إذ لم يتجاوز برميل النفط 87 دولارا، عكس سنة ونصف السنة قبلها، حينما تجاوز حاجز 120 دولارا”.

“نرى اليوم أن اقتصاد بلادنا يتوفر على مجموعةِ إيجابيات، أولها تساقطات مطرية أخيرة ستُنعش أصناف الزراعات الربيعية؛ وبالتالي ستساعد في تخفيف الوطأة على مهنيي القطاع الفلاحي؛ وكذلك من المرتقب أن تساهم في زيادة القيمة المضافة الفلاحية”، يتابع جدري.

ولفت المتحدث ذاته إلى “تعزيز الصادرات المغربية (من الفوسفات أو صناعة السيارات والطائرات والنسيج والألبسة والصناعات الغذائية)”، مشيدا بـ”الدينامية السياحية التي تظل في مستويات مقبولة بالنسبة للمساهمة الناتج الإجمالي الوطني”.

“في المقابل نلحظ إشارة واضحة في مذكرة الظرفية إلى تراجع الفاتورة الطاقية المغربية؛ لأن أسعار الغاز وأسعار النفط بصفة عامة تظل في مستويات أقل مقارنة مع ما توقعه قانون المالية لسنة 2024″، يورد جدري، لافتا إلى أن “تخفيض نسبة العجز التجاري مؤشر مهم جدا”.

وخلص المحلل نفسه إلى أن “المؤشرات الإيجابية يمكن أن تساهم في خلق التنمية، وكذلك جعل المغرب يمتلك زمام السيادة المالية، وأن يكون سيّد قراره في العديد من القضايا الاقتصادية”، مستدركا بأن “شرط ذلك هو تحقيق التحكم، خلال السنوات المقبلة، في كل ما يتعلق بالسيادة المائية والطاقية”؛ وخاتما بأن “النتيجة سيتكون هي تخفيف عجز التجارة الخارجية لمستويات غير مسبوقة، مع ملامسة أرقام نمو 5 أو 6 أو 7 في المائة خلال السنوات القليلة المقبلة”.

“قراءة متفائلة ولكن…”
من جهته أكد وديع الشحواطي، أستاذ التعليم العالي في علوم الاقتصاد بكلية تطوان، إلى أن “المؤشرات التي أتاحتها المديرية المعنية بوزارة الاقتصاد تكشف بجلاء عن تحسّن في أغلب القطاعات والأنشطة”، قائلا إنها تسمح بـ”قراءة متفائلة؛ إلا أنه يجب أن نذكّر بنقطة مهمة تتمثل في التأثير المباشر لذلك على المواطن ومعيشه”.

وأضاف الشحواطي “على العموم فإن المواطن مازال يشتكي من عدد من الأوضاع، خاصة استمرار غلاء بعض المواد الاستهلاكية الغذائية، فضلا عن المحروقات السائلة… ويمكن أن نقرأ تلك المؤشرات كذلك من خلال الحركة الاحتجاجية لمجموعة من النقابات في أغلبية القطاعات بمختلف فئاتها وشرائحها”.

خلاصة القول، بحسب المصرح ذاته، إن “هذه المؤشرات الإيجابية لم يكن لها انعكاس مباشر وواضح على حياة المواطنين اليومية”، وزاد: “هذا التباين والاختلاف يمكن قراءته من خلال استمرار تشكّي المواطن من آثار موجات التضخم رغم انحساره إلى أدنى مستوياته منذ 2021”.

كما عرّج أستاذ الاقتصاد على مسألة “التفاوتات المجالية في الجهات والأقاليم”، التي عدَّها “مازالت مستفحلة”، داعياً إلى “قراءات ظرفية اقتصادية معمقة تتيح معطيات دقيقة عن التفاوتات بالجهة أو الأقاليم نفسها”، فضلا عن “مجهودات أخرى من أجل بلوغ تنويع الاقتصاد الذي يعد أبرز توصيات النموذج التنموي المنشود تحقيقه بحلول 2035”.

وختم الخبير الاقتصادي ذاته بأن “ارتفاع الاستعمال الكبير للتكنولوجيا من طرف المواطنين المغاربة وجب توظيفه ليكون من رافعات النمو وخلق الثروة والقيمة”، مشددا على أنه “لا يمكن فصل التطور الاقتصادي عن عمل الجهاز الإداري الذي يعيش بعض التعثرات البيروقراطية بعيدا عن الرقمنة”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق