لماذا صفعت أمريكا الجزائر و ما دخل مبادرة الأطلسي المغربية؟

26 فبراير 2024آخر تحديث :
لماذا صفعت أمريكا الجزائر و ما دخل مبادرة الأطلسي المغربية؟

عقد كبار ممثلي الدول الأعضاء في مبادرة “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي” اجتماعا افتراضيا بحضور السفيرة الأمريكية جيسي لابين، المنسق الأول للتعاون الأطلسي، حيث اتفقت هذه الدول على تعزيز التعاون البحري بقيادة المغرب وإسبانيا وأنغولا وبناء القدرات العملية والتبادل بقيادة كل من البرتغال والولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، حسب ما أفادت به الخارجية الأمريكية في بلاغ لها.

وأوضح البلاغ أن الدول الأعضاء في الشراكة قررت، كذلك، عقد مجموعة من ورشات العمل خلال العام الحالي حول القضايا ذات الاهتمام المشترك؛ على غرار الأمن الغذائي، والتلوث البحري، وإيجاد أدوات تمويل مبتكرة لحفظ الموارد البحرية واستخدامها المستدام في الفضاء الأطلسي.

وأشار المصدر ذاته إلى أن كبار مسؤولي الدول المشاركة اتفقوا على “دعم تطوير الخطط المكانية البحرية كأداة حاسمة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الساحلية الأطلسية”.

وإدراكا منها لأهمية المحيط الأطلسي في المستقبل الجماعي للدول المطلة على هذا الساحل، أطلقت الولايات المتحدة الأمريكية رفقة أزيد من ثلاثين دولة أخرى، من ضمنها المغرب، في شتنبر الماضي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، الشراكة من أجل التعاون الأطلسي. وقد تبنت هذه البلدان إعلانا التزمت من خلاله بالعمل على تعزيز التعاون فيما بينها؛ بما يخدم مصالحها المشتركة، ويحقق الأمن والتنمية في الساحل الأطلسي. كما التزمت الدول الأعضاء في مبادرة “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي” بدعم سيادة الدول وسلامة أراضيها وتوحيد الجهود لمواجهة التحديات المشتركة.

من جهتهم، يرى متتبعون أن انخراط المغرب في هذه الشراكة ذات البعد الاستراتيجي يتماشى مع الحضور القوي للمقاربة الأطلسية في السياسة الخارجية ويخدم المبادرات الأخيرة التي أطلقها المغرب. كما أن هذا النموذج من الشراكات يمنح للمملكة المغربية امتيازات عديدة، إذ يقوي حضورها في فضائها الأطلسي ويعزز علاقاتها مع شركائها في المنطقة على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية؛ إضافة إلى أنها تكبح جماح الأطماع الجزائرية في الولوج إلى الواجهة الأطلسية المغربية عبر ميليشيا البوليساريو ويبتث سيادة الرباط على أقاليمها الجنوبية.

منصة استراتيجية وامتداد طبيعي
هشام معتضد، باحث في الشؤون الاستراتيجية، قال إن “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي هي منصة استراتيجية حيوية بالنسبة للمغرب، خاصة أن الثقافة الأطلسية في السياسة الخارجية للمغرب لها بعد جيوسياسي مهم وتحمل مكانة مركزية في التفكير الجيو-ستراتيجي المغربي من أجل الحفاظ على أمنه القومي ومكتسباته الحيوية”.

وأضاف معتضد، أن “هذه الشراكة تشكل دفعة قوية لمبادرة المغرب الأطلسية التي ستسمح للعديد من دول الساحل والصحراء للولوج إلى هذا الفضاء؛ وبالتالي الاستفادة الاقتصادية والتجارية والسياسية من فوائد هذا الربط الاستراتيجي بين شرق وغرب الأطلسي والذي يشكل امتيازا مهما يمنحه المغرب لكافة الدول المنضوية تحت المبادرة المغربية”.

وأوضح المتحدث ذاته أن “واشنطن تراهن بشكل كبير على الرباط من أجل إنجاح الشراكة من أجل التعاون الأطلسي؛ وذلك لما للمغرب من امتداد طبيعي في العمق الإفريقي، بالإضافة إلى المكانة السياسية والتأثير الدبلوماسي الذي يحظى به على مستوى دول ساحل الغرب الإفريقي”، مشيرا في الصدد ذاته إلى أن “غرب إفريقيا الأطلسي يعتمد بشكل كبير على العلاقات المغربية مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الاستفادة من فوائد هذه الشراكة، خاصة أن القيادة في الرباط تشكل حجر الزاوية الأساسي في الفضاء الأطلسي الجنوبي من الجانب الإفريقي في هذا التعاون العبر-أطلسي”.

وزاد شارحا: “من الناحية السيادية، هذه الشراكة تشكل دعما إضافيا مهما للمغرب حول سيادته على كافة أقاليمه الجنوبية وتثبيت دولي للتوجه الأممي الداعم للطرح المغربي بخصوص مقترح الرباط المتعلق بهذا النزاع المفتعل، حيث إن هذه الديناميكية العبر-أطلسية تشكل لبنة إضافية في تسريع إنهاء مسلسل النزاع الإقليمي المفتعل في الصحراء المغربية”.

انتصار جديد وتقوية للعلاقات
قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في تحليل الصراع وإدارة الأزمات وتدبير المخاطر، إن “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي، التي تشارك فيها أزيد من 30 دولة من أربع قارات مطلة على الأطلسي، هي فصل جديد من الانتصار الدولي للسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، إذ تنهي بشكل عملي وتلقائي طموحات النظام الشمولي في الجزائر بالاستحواذ في إطار السياسات التوسعية على إطلالة أطلسية على حساب الوحدة الترابية للمملكة المغربية خارج منطق السلام الإقليمي والشراكات الاقتصادية الفاعلة”.

وبين الخبير ذاته أن “المغرب يوفر، من خلال اندماجه في إطار هذه الشراكة، بعدا جي-وسياسيا مهما لانتصاراته الميدانية والسياسية في ملف الوحدة الترابية، حيث إنها ستشكل منبرا مهما للترافع عن القضايا التي تهدد الفضاء الأطلسي المشترك؛ كالأمن البشري، والتهديدات المرتبطة به الجماعات الإرهابية والانفصالية، والجريمة العابرة للقارات، وتعيين الحدود البحرية، والهجرة، وغيرها من الملفات ذات الراهنية بالنسبة لصانع القرار السياسي والأمني بالمغرب”.

وأوضح المصرح أن “المملكة تعتبر حجر الزاوية في هذه الشراكة بفضل موقعها الاستراتيجي وحضور المقاربة الأطلسية في السياسة الخارجية للمملكة التي أصبحت إطارا مرجعيا ومنطلقا مهما لإدارة العلاقات الدبلوماسية المغربية، حيث إن المغرب حسم قراره السياسي والدبلوماسي بإقامة شراكات ومبادرات ذات أبعاد تنموية في الفضاء الأطلسي”، لافتا إلى أن “هذه الاستراتيجية تعكس الرؤية الاستشرافية لجلالة الملك محمد السادس في وضع تصور مستقبلي لتموقع متقدم للمغرب في الفضاء الأطلسي وتوفير البنية المناسبة للمشاركة الفاعلة في أية مباردة دولية تهم الأمن والسلم والتنمية في ضفتي المحيط الأطلسي”.

وخلص الخبير الدولي ذاته إلى أن “الشراكة من أجل التعاون الأطلسي من شأنها أن تعزز العلاقات المغربية الأمريكية وتكرس أكثر الجانب المؤسساتي في هذه العلاقات التي تعتبر مرجعا أساسيا للعلاقات الأمريكية مع دول الجنوب، بالاستناد إلى العديد من المرتكزات المرتبطة بالإرث التاريخي والمرجعية الأطلسية المشتركة التي تربط بين الرباط وواشنطن والتي تترجمها حالة التطابق الكبير في وجهات النظر في العديد من القضايا الدولية والقارية والإقليمية”.

التعليقات

عذراً التعليقات مغلقة

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق