البطيوي في حلقة جديدة: الجامعة منعتني نهائيا من الدراسة وشرطي بالناظور ساعدني على الفرار من المغرب

7 يوليو 2014آخر تحديث :
البطيوي في حلقة جديدة: الجامعة منعتني نهائيا من الدراسة وشرطي بالناظور ساعدني على الفرار من المغرب

محمد أحداد
في كراسي الاعتراف تجري العادة أن يسرد المحاور حياته منذ أن رأى نور الحياة الأول إلى نهاية مساره الحياتي، لكن محمد البطيوي، آثر أن يسير ضد هذا المنطق، ويشرع في بناء الأحداث بالطريقة التي يراها هو مفيدة للتاريخ المغربي، أي أنه اختار أن يبدأ بلحظة عودته إلى المغرب بعد 27 سنة من حياة المنفى الاضطراري تارة، والاختياري تارة أخرى. في بروكسيل، يتذكر البطيوي قصته مع الاعتقال والتعذيب البشع الذي تعرض له بمدينة وجدة، بعدما ورد اسمه إلى جانب طلبة آخرين في اللائحة السوداء للمشاركين في إضرابات سنة 1984، ويتوقف طويلا عند تجربة المنفى وقصة هروبه من المغرب وعلاقته بمومن الديوي، أحد أبرز معارضي نظام الحسن الثاني، ويعود، فوق ذلك، إلى تفاصيل تنشر لأول مرة حول التنسيق الذي كان يجري خارج المغرب للإطاحة بالحسن الثاني.
– التقيت عميد كلية العلوم بالصدفة، ما الذي دار بينك وبينه؟
حاول أن يتصنع الكثير من الصرامة ليتحدث إلي بحزم شديد: «أش جاي دير هنا»، فأجبته أنني أريد أن أتحدث إليه في موضوع مهم قبل أن يجيبني بطريقة فجة: «أنا مشغول جدا وإذا جئت فقط من أجل الحديث في موضوع الامتحانات، فلن تجتازها مهما فعلت، وليس هذا قراري بل قرار وزير التعليم الذي صرح أن جميع المشاغبين مثلكم المتورطين في أحداث الشغب ليس لديهم الحق في اجتياز الامتحانات ولا الولوج إلى الجامعة»، ليضيف بكثير من العنجهية: «مجرد التحدث معك هدية مني». استجمعت كل قواي، وأجبته بنرفزة وعصبية بالغة: «منذ 52 سنة ووالدي يدفع الضرائب، وهي التي أدرس بها وأستفيد بها من حقي في التعليم». في لحظة ما أراد عميد الكلية أن يضربني لولا تدخل عنصر «الأواكس» الذي كان ينصت إلى حوارنا، وفي هذه اللحظة بالذات قلت له: «أريد ملفي الدراسي في أقرب وقت ممكن وسآخذه بالقوة إذا لم ترد تسليمه إلي»، هددته بلغة واثقة بأنني سأحرق نفسي وسأحرق الكلية ب»ليصانص» في حال رفض تسليمي الملف. كنت أعرف قبلا أنه جبان ويخاف كثيرا، ولذلك أصيب بالكثير من الذعر حينما أخبرته بأمر إحراق الكلية.
هل سلم لك الملف في النهاية؟
بعد أن هددته بإحراق نفسي أبدى نوعا من المرونة في التعامل محي وسألني عما إذا كنت أتوفر على بطاقة الطالب، فأخبرته أني خارج لتوي من السجن ولا أتوفر عليها، ليأمر بعد لحظات فقط سكرتيرته بتسليمي ملفي الدراسي.
بعد حصولك على الملف الدراسي، أين كانت وجهتك المقبلة؟
عدت إلى الناظور ووجددت أن عائلتي الصغيرة والكبيرة كلها هناك، ووجدت أيضا جيراننا في انتظاري، لأنني لم أزر المدينة منذ أن تعرضت للتعذيب والسجن بوجدة. سادت لحظات من البكاء والنواح الممزوج بالفرح ساعتئذ.
كم بقيت في الناظور؟
حللت بها في آخر شهر ماي، ولم تمض سوى أيام قليلة على زيارتي للناظور حتى فاتحني والدي في موضوع مستقبلي واقترح علي أن ينشئ لي محلا للتجارة. رفضت الاقتراح وأخبرت والدي أني أريد أن أواصل مشواري الدراسي، ولم يعد متاحا بالمرة أن أسجل بالمغرب، لأن الجامعة طردتنا ومنعتنا بشكل نهائي من التسجيل، وذكرته بالمقولة التي كان يرددها دائما «لن تفلح تجارتكم ولن يفلح أي شيء إلا بالعلم». هنا تحديدا، عبرت له عن رغبتي في مغادرة المغرب لأواصل دراستي بالخارج، وفي أي بلد آخر غير المغرب، وطلبت منه أن يتدبر لي أمر عبور الحدود وبعدها سأتدبر كل شيء. في قرارة نفسي كنت أعرف تمام المعرفة أن السلطات الأمنية لن تسمح لي بالخروج كيفما كانت الظروف، ولن تؤشر على جواز سفري، ولذلك أصبح خيار الدراسة خارج المغرب بعيد المنال لحظتئذ.
هل وافق والدك على خيار مغادرة المغرب، وأنت تعلم جيدا أن مجرد خروجك سيسبب متاعب كبيرة للعائلة؟
وافق على عجل ولم يتردد في مساعدتي، إذ مباشرة بعد حديثنا عن مواصلة الدراسة بالخارج، اتصل بشرطي كان يعمل بالناظور معروف بأنه كان يجمع جوازات السفر ويذهب بها إلى موظفة تونسية بالسفارة الهولندية وتمنح له التأشيرات مقابل اقتسام العمولات المالية التي تتأتى من ذلك. إذن، حصلت على تأشيرة سياحة إلى دول البينيلوكس لمدة عشرين يوما، بمعنى أنه يجب أن أغادر المغرب قبل هذه المدة. بيد أن محنتي ستبدأ من هنا بالضبط، حيث سبق لصديق اسمه حنديش عبد الحق من مداغ كان معنا، اعتقلته السلطات الأمنية في الحدود، لأنه كان ضمن الأسماء الممنوعة من السفر في لوائح وزارة الداخلية، وللمصادفة فقد رافقته يومها، أقصد أن وعيا كاملا تبلور لدي مؤداه أني لن أغادر المغرب مهما حصل. لحظة اعتقال صديقي عبد الحق، جرى حوار بيني وبين السلطات الأمنية في الحدود، إذ أخبرتهم أن الرجل أمضى عقوبته السجنية ويجب مسحه من لائحة المبحوثين عنهم فأخبروني أن الداخلية تبحث عنه ولم يضيفوا أي شيء آخر. اعتقلوه لمدة ثلاثة أيام، لكن منعوه من السفر، وهو سبب كاف جعلني أعيش حالة من الانطواء والحزن الشديدين، بصيغة أخرى، أصبت بالإحباط ونقص وزني ولم تعد لي شهية للأكل أو النوم. إنها حقا أيام سوداء في مساري الحياتي. بطبيعة الحال، لم يكن والدي غافلا عن حالتي الصحية والنفسية، قبل أن يدخل ذات يوم وقال لي: أبشر لقد وجدت حلا لمغادرتك المغرب، أتذكر أنه قالها بفرح عارم موجها لي كلاما لن أنساه: ما سأقوم به اليوم لم أفعله يوما في حياتي، لكن الله حلل ما حرمه في الشدة، رغم أنه كان يعرف أن مساعدته لي ستجلب عليه مشاكل كثيرة سأحكيها لك في وقت لاحق.
والدك اهتدى إلى طريقة لإخراجك من المغرب، رغم أن اسمك مدرج على قوائم الممنوعين من السفر عبر المطارات والموانئ.
أخبرني والدي أنه وجد أحد رجال الأمن الذي سيؤشر على جواز سفري، لكن دون تسجيله شريطة أن يحصل على قدر من المال. بدأنا ننفذ الخطة للفرار من المغرب، وأول الخطوات هي أن أدخل إلى مليلية ببطاقتي الوطنية، فكما تعلمون فسكان الناظور يتوفرون على حق ولوج مليلية دون الحصول على جواز سفر، أما الخطوة الثانية فهي أن يأتيني الشرطي بجواز سفري مؤشرا عليه إلى داخل مليلية.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات تعليقان
  • ait talib
    ait talib منذ 10 سنوات

    NOA QUEDA NADA

  • ريفي
    ريفي منذ 10 سنوات

    ان هذا السيد مصر على ان يجعل من نفسه بطل مهما كلفه ذلك من كذب على التاريخ في المرة السابقة سرد حقائق كلها كذب ورددنا عليه واليوم يسرد حقائق اخرى مختلفة تماما و ذكر رواية اخرى عن كيفية خروجه الى الخارج . ونسي انه ذكر سابقا انه اعتقل واليوم لا . وووووووووو…….. والله العظيم هذا السيد يكذب حتى على نفسه فقصة خروجه من المغرب كانت في خرجاته السابقة مختلفة .
    والله لن تكون بطلا ببساطة كل من عاشروك لهم الحقائق ومتطابقة من افواه مختلفة وسيفضحوك ان تماديت وفي الوقت المناسب .

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق