ملفات من تاريخ الريف و الامازيغ: الحلقة 8:المسرح الأمازيغي: مرحلة الركود والكساد إبان الفتوح الإسلامية؛

24 يونيو 2015آخر تحديث :
ملفات من تاريخ الريف و الامازيغ: الحلقة 8:المسرح الأمازيغي: مرحلة الركود والكساد إبان الفتوح الإسلامية؛

hamdaoui ملفات من تاريخ الريف و الامازيغ: الحلقة 5: الأمازيغ والديانة المسيحية: أوغستـــــان ملفات من تاريخ الريف و الامازيغ: الحلقة 6: الأمازيغ و الإسلام ملفات من تاريخ الريف و الامازيغ: الحلقة 7: المسرح الأمازيغي، مرحلة التأثر بالمسرح اليوناني واللاتيني:ينشر بالاتفاق بين أريفينو و الكاتب د.جميل حمداوي عن كتابه ثقافــــــة الأمازيغييـــن وحضارتهــــــم

المسرح الأمازيغي : من الماضي إلى الحاضر

مرحلة الركود  والكساد إبان الفتوح الإسلامية؛

 

شهد المسرح الأمازيغي، أثناء الفتوحات الإسلامية لشمال أفريقيا مع عقبة بن نافع، وحسان بن النعمان، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، ركودا مسرحيا كبيرا بسبب انشغال الأمازيغيين بالحروب والجهاد، وخوض المعارك ضد المرتدين البرابرة و نصارى الأندلس. كما ساهمت الحروب في اندثار معالم المسارح والمتاحف والمعابد. بينما بقيت بعض المسارح خالدة إلى يومنا هذا كمسرح قرطاج بتونس وتيمكاد وتيبازة بالجزائر.

هذا، وقد ذكر البكري في وصفه لقرطاجنة أن أعجب ما بها” دار الملعب وهم يسمونها الطياطر، قد بنيت أقواسا على سواري، وعليها مثلما ما أحاط بالدار، وقد صور في حيطانها جميع الحيوان وصور أصحاب جميع الصناعات، وجعلت فيه صور الرياح، فجعل صورة الصبا وجهه مستبشر وصورة الدبور وجهه عابس….

وفيها قصر يعرف بالمعلقة مفرط العظم والعلو، أقباء معقودة طبقات كثيرة مطل على البحر، في غربيه قصر يعرف بالطياتر وهو الذي فيه دار الملعب المذكورة، وهو كثير الأبواب والتراويح، وهو أيضا طبقات ، على كل باب صورة حيوان وصور الصناع”.[1]

ومن الدواعي الأخرى التي كانت وراء ركود المسرح الأمازيغي، وعدم الحفاظ على المسرح اليوناني والروماني، الفهم السيء لموقف الإسلام من الشعر والتصوير والتمثيل والتشخيص ، إذ كان تأويل المسلمين لموقف الإسلام من الفن سببا كافيا لانطفاء  شعلة المسرح في شمال أفريقيا.

هذا، ويذهب  الدكتور عباس الجراري إلى أن العامل الديني،  ووجود الصراع التراجيدي الأفقي، من بين الأسباب التي حالت دون استمرار المسرح الأمازيغي بشكله القديم” إذا كان المغاربة لم يحتفظوا بهذه التقاليد المسرحية في ظل الإسلام، فذلك راجع إلى أن هذا الدين جاء بثقافة جديدة، وأنهم لم يجدوا في نطاق ثقافته حاجة إلى التعبير بالمسرح على الشكل الإغريقي الروماني الذي عرفوه. إذ لايخفى أن هذا المسرح كان يتوسل به في أداء الطقوس والشعائر الدينية، فضلا عن أنه كان مرتبطا بالصراع، ولاسيما في مواجهة القضاء والقدر، والدين الإسلامي يحد من هذا الصراع، ويحث على الطمأنينة النفسية بالدعوة إلى الإيمان بالقدر خيره وشره.

ومع ذلك ، فقد بقيت لتلك التقاليد آثار غير قليلة تتجلى في الرقص الشعبي، سواء منه الرقص البربري والبدوي أم رقص الطوائف الطرقية. كما تتجلى هذه الآثار في الاستعداد الذي ظل عند المغاربة للعمل المسرحي، وقد جعلهم يقتبسون” خيال الظل” لاسيما في تونس والجزائر، لما كان لهما من علاقة مع الدولة العثمانية. ويبدو أنه كان مزدهرا في القطر الجزائري حتى منتصف القرن الماضي، حيث قررت سلطات الاحتلال منعه لما كان له من دور في توعية المواطنين، ولعله كان معروفا بمغربنا الأقصى في فترة من التاريخ، لاسيما أيام السعديين الذين كانت لهم علاقة وطيدة مع الأتراك”[2].

ونفهم من هذا النص بأن المسرح الأمازيغي قد اندثر مع الفتوحات الإسلامية لشمال أفريقيا بسبب ارتباطه بالوثنية الإغريقية، وبنائه على الصراع التراجيدي الميتافيزيقي. وقد تم تعويض كل ذلك بفرجات احتفالية مشهدية شعبية ودينية وطقوسية وفنية، مثل: الرقص الشعبي الأمازيغي، ورقص الطوائف الطرقية، والاستفادة من خيال الظل. بل يمكن الحديث عن أشكال مسرحية أمازيغية أخرى قد تبلورت بتامازغا بشكل واضح في  نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين .

[1] – البكري: المغرب في ذكر بلاد افريقية والمغرب( جزء من المسالك والممالك)، نشر دسلان، الجزائر، 1857، ص:43-44.

[2] – د.عباس الجراري: الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه، مكتبة المعارف الرباط، طبعة ثانية، الرباط، المغرب، ص:264-265.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق