خُدَّامُ الدولة الساميون

4 سبتمبر 2016آخر تحديث :
خُدَّامُ الدولة الساميون

خُدَّامُ الدولة الساميون .. النافذون..

بقلم : عزالدين شملال
فلولاهم لما كان للمغرب ذِكْرٌ وشَأْنٌ، ولا استمتع المغاربة بالأمن والاستقرار..
حِرْصُهُم على المصلحة العليا للدولة جعلهم لا يتركون شيئا للصدفة ولا لصناديق الاقتراع الشَّفَّافَة، اخترعوا لنا ديمقراطية خاصة يَنْفَرِدُ فيها النِّظَامُ بكل قرار، ويُوَزِّعُ من خلالها كل الأدوار، بمباركة جميع الأحزاب يمينيِّيِهَا ويساريِّيِهَا، اشتراكيِّيِهَا وليبراليِّيِهَا، وبمساهمة باقي النُّخَبِ والأُطُرِ الذين أجمعوا على أن الشعب المغربي شَعْبٌ قَاصِرٌ لا يٌحْسِنُ التَّفْكِير ولا يُتْقِنُ التَّدْبِير ويَرْضَى بالقليل ويَصْبِر على الكثير ويحمد الله عز وجل دائما على نعمة الفقر والأمن والأمان .
وفي الحقيقة أن خُدَّامَ الدولة الأوفياء تحكّموا في المشهد السياسي المغربي منذ القديم، فقد ذكر
العَلّامة المغربي الحسن اليوسي رحمه الله في رسالته الشهيرة للمولى إسماعيل في القرن 17
” فإن الكثيرين من الدائرين بالسلطان هم طُلّابُ الدنيا، لا يتقون الله تعالى ولا يَتَحَفَّظُونَ من المُدَاهَنَةِ والنِّفَاقِ والكَذِبِ، أولئك الذين جروا الظلم على الرعية، فأكلوا اللحم، وشربوا الدم، وانْتَشَواْ العظام، وامتصوا المخ، ولم يتركوا للناس دينا ولا دنيا، فأما الدنيا فقد أخذوها، وأما الدين فقد فتنوهم عنه ” .
إنه نفس الفساد ونفس النهب ونفس الريع .. يتكرر عبر التاريخ بمسميات عدة، تارة باسم ” خُدَّامِ الأعتاب الشريفة ” وتارة باسم ” خُدَّامِ المخزن ” وأخرى باسم ” خُدَّامِ الدولة “.. أشخاص اسْتَغَلُّوا قُرْبَهُم بالجهات النافذة فاسْتَوْلَواْ على خيرات البلاد وقَسَّمُوها بينهم، بينما السَّوَادُ الأعْظَمُ من هذا الشعب المقهور عانى ـ وما يزال يعاني ـ من الفقر والجهل والتهميش وانسداد باب الأمل والمستقبل لأبنائه الذين تهوي على ُرؤوسِهم ” هراوات ” رجال الأمن أمام البرلمان بعد تَخَرُّجِهِم ونَيْلِهِم لأعلى الشهادات من الجامعات المغربية .
لقد تبخرت آمال المغاربة وأصيبوا بخيبةٍ كبيرةٍ، فالحكومة التي عقدوا عليها آمالهم لتَنْتَشِلَهُم من بَراثِنِ الفقر والجهل والإقصاء، لم تستطع الوقوف في وجه الفساد، ولم تحاسب المفسدين، ولم تكتف برفع شعار ” عفا الله عما سلف ” في وجه الطغاة والظالمين وناهبي المال العام، بل ارتمت في حضنهم وتعلمت من أساليبهم وحِيَلِهِمْ وتَفَنَّنَتْ في الاستيلاء على المال العام بشتى الطُّرُق، فأصبحنا نقرأ هنا وهناك عن بُقَعٍ فُوِّتَتْ لأشخاصٍ نافذين قيل عنهم ” خُدَّامُ الدولة الساميون “، وعن استغلال أراضٍ سُلَالِيةٍ من طرف وزراء حكوميين، وعن توزيع رخصٍ للصيد ومأذونياتٍ للنقل للأهل والمُقرَّبين، كل ذلك في خرق واضح لكل القوانين التي تُقَنِّنُ تفويت أراضي الدولة إلى الخواص، وشروط استغلال الرُّخَصِ والمأذونيات، فالمرسوم المُنَظِّم لبيع أملاك الدولة المؤرخ في 05 مارس 2002 يضبط شروطا صعبة للحصول على الأراضي كالإذن من رئيس الحكومة وتكوين لجنة مع ضرورة تنظيم مزادٍ علني .
لقد نجحت الحكومة إلى حد كبير في تكريس سياسة العطاء والهبة و ” الوزيعة ” و” التفويتات ” والرخص المختلفة التي تتم خارج القانون، وفَشِلَت فشلا ذريعا في تحقيق الإصلاح الحقيقي الذي يطالب به الشعب المغربي، إصلاحٌ يستفيد من خلاله المواطن من جميع حقوقه المنصوصِ عليها في مختلف الدساتير والقوانين والمواثيق الوطنية منها والدولية، إصلاحٌ بعيدٌ كَّل البُعد عن الإصلاح الذي تَتَشَدَّقُ به الحكومة من قبيل إصلاح صندوق المقاصة وإصلاح أنظمة التقاعد، وإصلاح منظومة التعليم والصحة، التي زادت من معانات المغاربة وجعلتهم يَتَبَوَّءُونَ مكانةً مُخْزِيَةً في سُلَّمِ التنمية .
ويبقى التساؤل الذي يطرحه أغلب المغاربة وهم على مشارف الانتخابات التشريعية المقررة في سابع أكتوبر المقبل هو ماذا تغير في المشهد السياسي المغربي ليكون مُؤَشِّراً إيجابيا لمشاركة المواطنين في هذه الانتخابات ؟
هل بعد كل هذه المعاناة التي عاشها المغاربة بدْءاً بالزيادة في ثمن المحروقات والزيادة في بعض المواد الأساسية، وفشل منظومتي التعليم والصحة، وانهيار صندوق التقاعد، وصولا إلى استفادة أشخاص محسوبين على دوائر القرار، ومقربين من أعضاء الحكومة، من الريع الاقتصادي، ومن مختلف الامتيازات الأخرى التي جعلت الأغنياء يزدادون ثراءاً فاحشاً وباقي المغاربة يزدادون فقراً مُدْقِعاً .. هل بعد كل هذا الحيف سيتجه المغاربة إلى صناديق الاقتراع ؟
هل سيعلقون آمالهم من جديد على مكون سياسي آخر يبيع لهم الوهم، ويحصدون بعد الانتخابات خَيَبَاتٍ أَشَدُّ وأَنْكَى ؟
أم سيقاطعون الانتخابات بشكل واعي وحضاري احتجاجا على استغبائهم واستحمارهم من طرف ” المتحكمين في دوائر القرار ” ومن طرف ” خدام الدولة الساميون ” ؟
الإجابة ستجدونها في قرارة أنفسكم فعَبِّرُوا عنها بكل حرية ودون أدنى حرج أو ضيق !!!!!

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات تعليقان
  • nasar
    nasar منذ 8 سنوات

    لماذا اخفيتم التعليقات بعد نشرها هل ؟ او ربما ؟ لكن اعيدوها لانها مهمة لمن يفكر في التصويت على خدام الدولة

  • DANDAN
    DANDAN منذ 8 سنوات

    مامصوتينش ما محزبينش ما مسيسينك غير متصدعوناش بلبواقكم وعطيونا التساع اكروش لحرام راكم فضحتونا امام العالم وشوهتونا قبح الله سعيكم

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق