العهد الجديد خلص الريفيين من “حكرة” لازمتهم طويلا

24 أبريل 2008آخر تحديث :
العهد الجديد خلص الريفيين من “حكرة” لازمتهم طويلا

  جمال بورفيسي

لم يتحرر “الريفيون” كليا من شعور «الحكرة» الذي لازمهم لفترة طويلة، رغم مرور ستين سنة على استقلال المغرب. لكن ثمة حقيقة ساطعة كالشمس، وهي أن “الحكرة” التي عانى منها أهل الريف طليلة فترة ما بعد حصول المغرب على الاستقلال بفعل اعتبارات سياسية وتاريخية،

..بدأت تتآكل شيئا فشيئا ويعتريها الصدأ ، بفضل المتغيرات السياسية التي عرفها المغرب، قبل أزيد من عقد من الزمن، وتحديدا، منذ مجيء الملك محمد السادس إلى السلطة، الذي أحدث القطيعة مع الغضبة “التاريخية” للمركز على منطقة بكاملها، وما أحدثته من “دمار” تنموي انعكس سلبا على الريف. الملك محمد السادس، كان حاسما في طي صفحة التوتر وسوء الفهم بين الريف والمركز، بفضل المشاريع التنموية التي بدأت تظهر في المنطقة في عهده، وبفضل زياراته المتتالية إلى المنطقة، التي تكتسي رمزية ودلالة عميقة تعكس حقيقة إنجاز تلك المصالحة التاريخية بين القصر و الريف.

‏طليلة سنوات الخمسينات والستينات والسبعينات، ظل “الريفيون” يحسون بالفجر، المسلط عليهم لأسباب يطول شرحها . ترعرع الجيل الثاني والثالث بعد الاستقلال وهم يحسون أن العلاقة بين المركز والريف ليست على ما يرأم. كانت المسافة الجغرافية والنفسية بين الريف والداخل تتسع مع توالي السنين، وظل الريف معزولا، جغرافيا وتنمويا، عن المركز. رسمت حدود فاصلة بين مغرب نافع وآخر مهمش. لم تر المشاريع التنموية في الريف النور طيلة أربعة عقود من الزمن، ما عدا المشاريع الصغرى التي كان يسهم فيها أهل المنطقة، والتي لم تكن تتجاوز أعمال التجارة البسيطة. في غياب بنيات تحتية أساسية، وافتقار ‏المنطقة إلى العوامل الموضوعية للإقلاع الاقتصادي، لم تجد غالبية أهل المنطقة سوى الهجرة، أو ممارسة أنشعلة محظورة: التهريب.

‏ظل الريف منسيا لفترة ليست قصيرة، عانت فيها مناطق الناظور و الحسيمة وما بينهما وما جاورهما من تهميش، إذ غابت عنها المشاريع، أكثر من ذلك غاب عنها اهتمام المركز وهوما كان له الوقع المؤلم على أبناء المنطقة. أحس الريفيون أن ما عانوه هو انتقام المخزن من أحداث الريف، بل هناك من يرجع غضبة المخزن من الريفيين إلى ما قبل هذه الأحداث، إلى حقبة عبد الكريم الخطابي والمقاومة البطولية التي شنها ضد الاستعمار الإسباني. لم يستوعب أهل الريف سبب هذا «الانتقام» الذي جعلهم مغيبين في معادلة المخزن. الريف المنسي، عنوان معاناة متواصلة لأهل المنطقة دامت إلى حين تقلد الملك محمد السادس السلطة ، معلنا «إعادة إدماج» الريف في الوطن والقطع مع القطيعة التي أسهمت في تأخر المنطقة، وبالتآلي في تأخير البلد ، لأنه لا يمكن لبلد أن يتطور ويتقدم، إذا ظل جزء منه متخلفا عن ركب المشاريع التنموية.

‏المشروع الضخم الوحيد الذي تحقق قي سنوات “عمر الريف” هو الميناء الذي انتهت به الأشغال في منتصف السبعينات، وكان لضرورة اقتصادية، وفي ما عدا ذلك ظلت المنطقة مستثناة من المشاريع، وهوما رسخ لدى أهلها الشعور بالغبن.

‏إلى حدود السبعينات كان السفر إلى « الداخل» النافع يتطلب تحضيرا طويلا في غياب وسائل النقل، إذ كانت الوسيلة الوحيدة للسفر نحو مدن الداخل هي التوجه نحو مدينة تاوريرت ثم امتطاء القطار المتوجه إلى الرباط. بعد فترة طويلة ظهرت حافلات « الستيام» التي أسهمت في ربط الريف بالداخل. في ظل هذا التهميش كان آمام «الريفيين» خياران لا ثالث لهما، إما الهجرة أو ممارسة التهريب بأنواعه وأشكاله المختلفة، وتدفقت موجات الهجرة نحو الخارج بحثا عن سبل عيش أفضل. تحولت أوربا إلى موطن العديد من أهل المنطقة الذين فروا من جحيم وطن لم يقبلهم طيلة عقود من الزمن.

‏في العهد الجديد طرأت تحولات عميقة. أزيل الغبار عن التاريخ، وتمت محاولات حقيقية لجبر الضرر قبل حتى أن تنشأ هياة الإنصاف والمصالحة، وانطلقت مشارين حقيقية في المنطقة : برامج التأهيل، تشييد الخط السككي الناظور -تاوريرت، بناء مجمع الحديد والصلب بسلوان، بناء مطار العروي، بناء مؤسسة جامعية… لتؤذن بدخول الريف مرحلة جديدة من تاريخها، ومع التحول الذي تعرفه المنطقة،والأوراش التي انطلقت بها،بدأت خيوط المصالحة تتشابك، لتمنح الريفيين الشعور بأنهم بين أحضان وطن يسع الجميع، ولتطوى صفحة مليئة بالأسئلة وعلامات استفهام، وتبدأ أخرى واعدة وحبلى بالآمال و التطلعات.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


التعليقات 6 تعليقات
  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    موضوع جيد
    فعلا العهد الجديد صحح العديد من الأخطاء لكن للأسف رغم رفع الحكرة عن الريف من طرف عاهل البلاد أطال الله في عمره ووفقه لما يحبه ويرضاه وحفظه بما حفظ به السبع المثاني إلا أن السي نيني أبى إلا أن يرفض عهد المصالحة مع الريف وينشر مقالا تهجميا على المنطقة هداه الله.
    لا حول ولا قوة إلا بالله
    جزاك الله خيرا على هذا الموضوع المميز أخي جمال

  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    chkon gallak safi ra al7ogra ma b9atch frrif .awassir amaskin rah ma kayen la 3ahd jadid wala hom ya7zanon sir tchof ach wa9a3 f frontira ..sir tchof akbar ma9bara ba7riya f al ba7r al motawassit chkon lli fiha _rwafa_ allah ihdikom arwafa waha ghir darolkom al kornich o ba3to al match walaki ra had cchi kan chofoh ghir f had al maw9i3

  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    يا من تتكلمون على الحكرة انا امازيغي مغربي ولدت في الرباط لكن امي ليست امازيغية كنت في الناظور انا وصديق لي في مهمة انسانية لا يمكن ان تعلمو مدى الذهول الدي اصابني عنماتكلمت بالمغربية في تلك البلاد الكل يعاملني كاني عدو وعندها حمدت الله على الملكية مع اني مختلف معها في كثير من الاشياء ولكن لها الفظل في بقاء المغرب موحد لولاها لاصبحنا دويلات صغيرة مليئة بالعصابات

  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    شيء غريب ياتون من الرباط عاصمة المخزن العروبي الاقصائي الدي دمر الريف و هجرهم من اجل مهمة انسانية…………. معامن معامن ..اوا سي رررررررررررررررررررررررر امسكين برك من داخ دوخ

  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    لا يا اخي انا لا يهمني لا مخزن و لا بوليس انا حكيت ما عشت او زايدون انا راني جيت مرة وحدة على كل حال اتمنى لكم الاستقلال و ان تعيشو سعداء ادا كان هذا سيرضيكم المهم ان نجنب البلد الحروب و ولو بدويلات

  • غير معروف
    غير معروف منذ 16 سنة

    مقال مسروق من جريدة الصباح
    شكرا

لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق