. |
محمد الراجي |
وبالإضافة إلى كل هذه الأرواح التي ستلقى حتفها بسبب “الفقصة العباسية” هناك أرواح أخرى ستصعد إلى السماء مرفوقة بشظايا قنينات الغاز الملتهبة ، فقبل أن يغادر الوزير محمد بوطالب الذي ينتمي إلى الحركة الشعبية مكانه على رأس وزارة الطاقة والمعادن ، أصدر مرسوما وزاريا تم نشره في الجريدة الرسمية يقضي بتمديد مدة صلاحية قنينات الغاز الصغيرة من فئة 12 كيلوغرام إلى أربعين سنة كاملة بعدما كان المرسوم السابق يحدد عمرها الافتراضي في 25 سنة فقط . حتى قنينات الغاز يريدون أن تظل في مكانها داخل الأسواق إلى ان تنفجر ، تماما كما يريدون أن يبقوا جاثمين على كراسي البرلمان والوزارت إلى أن يأخذ ملك الموت أرواحهم العزيزة .
الغريب في المرسوم الذي أصدره الوزير الحركي بوطالب في آخر أيامه بوزارة الطاقة والمعادن هو أنه قلص عدد الاختبارات التي تجرى على هذه القنينات إلى أربع اختبارات فقط طيلة عمرها ، أي بمعدل اختبارواحد كل عشر سنوات ، بعدما كان يتم اختبارها في السابق مرة كل ثلاثة أعوام . ومن هنا نفهم أن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه المسؤولون في هذا الوطن الحزين هو سلامة أرواح المواطنين .
وإذا كنا نعرف أن نوعية الحديد الذي تصنع منه قنينات الغاز المتداولة في الأسواق المغربية لا يستجيب لمعايير السلامة المتعارف عليها دوليا ، فلا يسعنا إلا أن نضع أيدينا على قلوبنا ونردد اللطيف بصوت خاشع ، لأن كثيرا من الأحياء الشعبية التي لا تخلو بيوتها من قنينات الغاز الصغيرة ستعرف انفجارات مدوية لا محالة ، وهكذا سيموت الناس عندنا بالجملة تماما كما يحدث اليوم في شوارع بغداد .
المضحك في الأمر هو أن أغلب الوزراء الذين انتهت ولايتهم الحكومية قبل أسابيع أصروا على ألا يغادروا مكاتبهم المكيفة إلا بعد أن “يقلزوا” للمغاربة بالأصبع الكبير من تحت الجلابة . وهكذا نجد أن فتح الله ولعلو المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي لم يغادر مكانه حتى باع كل مؤسسات الدولة للخواص ، وزميله الحبيب المالكي قام بكل ما في وسعه من أجل إيصال التعليم العمومي إلى حافة الأفلاس ، بينما تكفل محمد بوزبع بجعل القضاء يفقد آخر ذرة من مصداقيته المهزوزة أصلا ، ورشدي الطالبي العلمي حلف بأغلظ الأيمان ألا يخرج من الحكومة حتى يشعل النيران الهوجاء في جيوب المواطنين وذلك عن طريق الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية إلى أقصى مستوياتها ، فيما أصر كريم غلاب على خلق مدونة للسير كانت ستذهب بكل من يملك سيارة أو يسوق حافلة إلى السجن لولا أن السائقين اعترضوا طريقها واستطاعوا أن يجعلوها تنكمش داخل البرلمان . أما الفقيه أحمد التوفيق فقد تكلف بمهمة توزيع أراضي الأحباس التي يهبها المغاربة لوجه الله على المقربين من الدوائر العليا . وختمها بوطالب بتلغيم مطابخ المغاربة بالقنينات الغازية وذلك بعد مصادقته على المرسوم الذي يرفع عمرها إلى أربعين عاما .
المصيبة الكبرى أن كل هؤلاء الوزراء الذين ختموا ولايتهم الحكومية بكل هذه السيئات الفظيعة سيعودون بعد أيام مع تشكيل حكومة عباس لإتمام ما تبقى لهم .
فنحن في نهاية المطاف لا نستطيع أن نحاسبهم على أي شيء ما دام أن بطاقة الناخب المغربي مثلها مثل الفزاعة البئيسة التي لا تخيف حتى الطيور الصغيرة في الحقول البورية .
لذلك يجدر بنا حقا أن نضع أيدينا على قلوبنا ونردد اللطيف جماعة ، فما ستحمله لنا الأيام القادمة من مفجآت غير سارة أسوأ بكثير مما نتوقع .
غير الله يلطف بنا وصافي .
محمد الراجي
https://almassae.maktoobblog.com/