الموت غايوللي عندنا بالجملة!!

11 أكتوبر 2007آخر تحديث :
الموت غايوللي عندنا بالجملة!!
الموت غايوللي عندنا بالجملة

  .

محمد الراجي
لم يعد مستبعدا أن يعرف عدد المغاربة الذين يموتون بالحوادث ارتفاعا مهولا في الشهور والسنوات القليلة القادمة . فبالإضافة إلى عشرات الأرواح البريئة التي تزهق كل يوم بسبب حوادث السير على الطرق الرديئة وحوادث غرق قوارب العار في أعماق البحر ، هناك أرواح أخرى تقف الآن في الطابور انتظارا لصعودها إلى السماء في أقرب فرصة .

فبعد أيام قليلة سيتم تنصيب عباس الفاسي بشكل رسمي على رأس الحكومة التي ستجثم على صدورنا مثل صخرة ثقيلة إلى غاية سنة 2012 ، ولا أعتقد ان ظهور الميستر عباس ، صاحب فضيحة النجاة في نشرات الأخبار المملة على شاشة التلفزيون سيمر دون أن يتسبب في حدوث سكتة قلبية جماعية لعشرات من الشباب الذين حلموا ذات يوم عندما كان صديقنا عبيبيس وزيرا للتشغيل أنهم سيصيرون موظفين يشتغلون برواتب محترمة على ظهر سفن عملاقة في عرض البحر ، ليكتشفوا في النهاية أن أحلامهم تم ضربها بعرض الحائط وتحولت إلى شظايا يستحيل جمعها . فليس سهلا أن تحافظ قلوب هؤلاء الشباب المغبونين على سلامتها وعافيتها وهم يرون السيد عباس الفاسي بطوله الفارع وشعره الأشيب ونظاراته الطبية وابتسامته الغامضة جالسا على كرسي الوزارة الأولى بعدما كانوا يعتقدون أن الكرسي الذي سيجلس عليه عندما يضع حقيبته الفارغة ويغادر الحكومة الحالية هو كرسي الاستنطاق والمساءلة داخل إحدى محاكم المملكة . لذلك فليس مستبعدا أن تنضم أرواح أخرى من ضحايا النجاة إلى الأرواح الخمسة التي سبق لأصحابها أن انتحروا بعدما بلغ بهم اليأس والقنوط حده الأقصى ، وقد يندم أولائك الذين لم ينتحروا عندما يرون عباس يتبختر مثل الطاووس المعجب بنفسه في المجالس الحكومية ، فلو انتحروا لكانت الموتة واحدة ، أما اليوم فإنهم سيموتون في اليوم عشرات المرات .

وبالإضافة إلى كل هذه الأرواح التي ستلقى حتفها بسبب “الفقصة العباسية” هناك أرواح أخرى ستصعد إلى السماء مرفوقة بشظايا قنينات الغاز الملتهبة ، فقبل أن يغادر الوزير محمد بوطالب الذي ينتمي إلى الحركة الشعبية مكانه على رأس وزارة الطاقة والمعادن ، أصدر مرسوما وزاريا تم نشره في الجريدة الرسمية يقضي بتمديد مدة صلاحية قنينات الغاز الصغيرة من فئة 12 كيلوغرام إلى أربعين سنة كاملة بعدما كان المرسوم السابق يحدد عمرها الافتراضي في 25 سنة فقط . حتى قنينات الغاز يريدون أن تظل في مكانها داخل الأسواق إلى ان تنفجر ، تماما كما يريدون أن يبقوا جاثمين على كراسي البرلمان والوزارت إلى أن يأخذ ملك الموت أرواحهم العزيزة .

الغريب في المرسوم الذي أصدره الوزير الحركي بوطالب في آخر أيامه بوزارة الطاقة والمعادن هو أنه قلص عدد الاختبارات التي تجرى على هذه القنينات إلى أربع اختبارات فقط طيلة عمرها ، أي بمعدل اختبارواحد كل عشر سنوات ، بعدما كان يتم اختبارها في السابق مرة كل ثلاثة أعوام . ومن هنا نفهم أن آخر شيء يمكن أن يفكر فيه المسؤولون في هذا الوطن الحزين هو سلامة أرواح المواطنين .

وإذا كنا نعرف أن نوعية الحديد الذي تصنع منه قنينات الغاز المتداولة في الأسواق المغربية لا يستجيب لمعايير السلامة المتعارف عليها دوليا ، فلا يسعنا إلا أن نضع أيدينا على قلوبنا ونردد اللطيف بصوت خاشع ، لأن كثيرا من الأحياء الشعبية التي لا تخلو بيوتها من قنينات الغاز الصغيرة ستعرف انفجارات مدوية لا محالة ، وهكذا سيموت الناس عندنا بالجملة تماما كما يحدث اليوم في شوارع بغداد .

المضحك في الأمر هو أن أغلب الوزراء الذين انتهت ولايتهم الحكومية قبل أسابيع أصروا على ألا يغادروا مكاتبهم المكيفة إلا بعد أن “يقلزوا” للمغاربة بالأصبع الكبير من تحت الجلابة . وهكذا نجد أن فتح الله ولعلو المنتمي إلى حزب الاتحاد الاشتراكي لم يغادر مكانه حتى باع كل مؤسسات الدولة للخواص ، وزميله الحبيب المالكي قام بكل ما في وسعه من أجل إيصال التعليم العمومي إلى حافة الأفلاس ، بينما تكفل محمد بوزبع بجعل القضاء يفقد آخر ذرة من مصداقيته المهزوزة أصلا ، ورشدي الطالبي العلمي حلف بأغلظ الأيمان ألا يخرج من الحكومة حتى يشعل النيران الهوجاء في جيوب المواطنين وذلك عن طريق الزيادة في أسعار المواد الاستهلاكية إلى أقصى مستوياتها ، فيما أصر كريم غلاب على خلق مدونة للسير كانت ستذهب بكل من يملك سيارة أو يسوق حافلة إلى السجن لولا أن السائقين اعترضوا طريقها واستطاعوا أن يجعلوها تنكمش داخل البرلمان . أما الفقيه أحمد التوفيق فقد تكلف بمهمة توزيع أراضي الأحباس التي يهبها المغاربة لوجه الله على المقربين من الدوائر العليا . وختمها بوطالب بتلغيم مطابخ المغاربة بالقنينات الغازية وذلك بعد مصادقته على المرسوم الذي يرفع عمرها إلى أربعين عاما .

المصيبة الكبرى أن كل هؤلاء الوزراء الذين ختموا ولايتهم الحكومية بكل هذه السيئات الفظيعة سيعودون بعد أيام مع تشكيل حكومة عباس لإتمام ما تبقى لهم .

فنحن في نهاية المطاف لا نستطيع أن نحاسبهم على أي شيء ما دام أن بطاقة الناخب المغربي مثلها مثل الفزاعة البئيسة التي لا تخيف حتى الطيور الصغيرة في الحقول البورية .

لذلك يجدر بنا حقا أن نضع أيدينا على قلوبنا ونردد اللطيف جماعة ، فما ستحمله لنا الأيام القادمة من مفجآت غير سارة أسوأ بكثير مما نتوقع .

غير الله يلطف بنا وصافي .

محمد الراجي

https://almassae.maktoobblog.com/

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق