الخطابي بين التقديس والتبخيس .. نقاش حاد بين نشطاء الريف في ذكرى وفاته

11 فبراير 2019آخر تحديث :
الخطابي بين التقديس والتبخيس .. نقاش حاد بين نشطاء الريف في ذكرى وفاته

متابعة
يعرف موقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” نقاشا حاداً بين نشطاء ريفيين، موضوعه شخصية محمد ابن عبد الكريم الخطابي وأدواره في معارك المقاومة التي شهدتها منطقة الريف، في العقود الأولى من القرن الماضي.

هذا النقاش الذي تزامن مع الذكرى 56 لوفاة محمد ابن عبد الكريم الخطابي، شُحِذَتْ فيه التدوينات والتدوينات المضادة وتبادل الإتهام بين “التقديس” و”التبخيس”، إلى درجة خروج نصوص بعد هذه التدوينات عن مبادئ النقاش والحوار، حيث زاغت إلى مستنقع “التهجم والسب والتخوين”.

النقاش أثاره في بداية الأمر المحامي الناظوري خالد امعزة، بتدوينة نفى من خلالها عن شخص محمد ابن عبد الكريم الخطابي، صفة “المحارب” و “براءة اختراع” حرب العصابات، مؤكداً أن هذه الاخيرة صقلها الريفيون منذ وعبر أزمنة غابرة لصد هجوم كل الغزاة لأرض الريف كتكتيك، الأكثر مناسبة لتضاريس الريف وقلة عدد الريفيين.

وأضاف امعزة أن ابن عبد الكريم لم يكن محاربا ولا تمرس في حرب بل قضى صغره في المسيد طالب علم ثم وراء مكتب يحمل قلما، وأنه كان بيدين ناعمتين ولا يحسن ركوب الحصان البربري الذي كان يستعمله الريفيون والذي يعد أقوى وأشجع حصان في العالم والذي يبلغ طوله المتر وستون ، بل كان يركب

حصانا قصيرا من سلالة أخرى مما كانت تُركب عليه العرائس حين تزف الى دار عريسها، على حد تعبير المحامي مُثير النقاش.

وفي نفس السياق علق الناشط عبد الله السعدي مؤيداً كلام امعزة بالقول:” عبد الكريم مثل محمد بن يوسف (الخامس) توجا بسحر الأيادي الناعمة على رأس المقاومة الريفية والحركة الوطنية. هكذا رووا لنا التريخ الذي لم يكتب مشافهة عن مجاهدي الميدان «

ومن جانبه زكى الناشط بديار المهجر سعيد خوطور، طرح المحامي امعزة في نفي إبداع حرب العصابات عن الخطابي، قائلاً أن أن جميع الكتب التاريخية التي قرأها عن الحروب الامازيغية مثل تاكفاريناس هانبال يغورتن يوبا تيهيا .. تؤكد ان الامازيغ كانوا دائما يستعملون حرب العصابات في التصدي للي عدو اوغازي خارجي.

واستحسن الناشط فيصل بوطالب كلام امعزة معتبراً اياه مقاربة نقدية تستحق الاحترام كونها تزيغ عن التقديس وتفتح قوسا للقراءة التاريخية الموضوعية.

لكن من جهة أخرى كانت تدوينة خالد امعيزة لاسيما العبارات الأخيرة منها مثيرة للحفيظة لدى عدد من المتتبعين حيث اعتبروها “استفزاز و إثارة للقبلية” وتحمل التهكم والاستهزاء من شخصية الخطابي.

الأستاذ رشيد الموساوي رد على كلام المحامي امعيزة بمقال عنونه بـ “في جينيالوجيا كراهية/فوبيا الخطابي”، اعتبر خلاله أن خطاب امعزة شاذ، وأنه ليس وليد لحظة طيش عابرة، بل يُضيف المساوي ” إن هذا ديدنه، لا يترك مناسبة أو دونها للتهجم على إنسان ضحى بمعية رفاقه بكل شيء تقريبا دفاعا عن حرية و كرامة شعبه”.

وتساءل رشيد الموساوي قائلا: ما الذي يحرك هذه الأصوات الشاذة على قلتها، و التي لا تستند في ما تدعيه على أية وثيقة تاريخية سوى منطق الإشاعات و اختلاق الأكاذيب، خاصة إذا علمنا أنه لو كان هناك ما يدين الخطابي لكان خصومه الأقوياء ( المخزن، اسبانيا …) سباقين إلى كشف ذلك ؟!

وعاد الموساوي في نفس المقال ليُجيب عن تساءله بالقول أن ما يحرك الأستاذ أمعيزة و من هم على شاكلته ليس بالضرورة نعرة قبلية كما قد يظن البعض، و الدليل أن هذا النوع موجودون في كل القبائل بدون استثناء؛ و إنما هو أساسا دافع عائلي محض. فثورة الخطابي و رفاقه قوضت مصالح بعض العائلات التي كانت تستفيد من الوضع الذي كان قبل قيامها، و خاصة في علاقتها مع المخزن أو إسبانيا او فرنسا، كما أدت بعضها ثمن مناهضتها لهذه الثورة؛ فتشكل لديها حقد دفين و مركب نقص تجاه كل ما يمت للخطابي بصلة، و هو حقد للأسف توارثه بعض أبنائها و أحفادها دون مراعاة للسياق التاريخي، فراحوا يختلقون الإشاعات للطعن في قيمة الرجل، يقول الموساوي.

المحامي امعزة لم يتوانى في الرد عن الموساوي، بصيغة حملت النقد من جديد لشخص الخطابي حيث قال: “لما كان أجدادي يقاومون مع الشريف محمد أمزيان ؛ عبد الكريم الأب والأب كانا يرفلان في مال الإسبان ومعاشه الذي كان يقدمه اليها مقابل عمالتهما” ، خاتماً كلامه بالقول: “نعلم جميعا ان دارة عبد الكريم أحرقها الريفيون مرتين جزاء خيانته وعمالته وكان يهرب منهم إلى عدوهم الإسبان”.

من جانبه رد الناشط سعيد دلوح بالقول أن خالد معيزة دأب على تشويه مولاي موحند، وإثارة شكوك حول دوره في قيادة المقاومة، و لا يفوت فرصة إلا وينال من الرموز الريفية المقاومة، ويقدم قراءة مجزأة للتاريخ. وروايات مبتورة.. بكثير من السخرية والتنذر.

الناشط عبد الحكيم شملال دلى بدلوه في النقاش بالتساءل: لماذا نقدس الاشخاص؟؟؟ مُشيراً إلى أن نفس الأشخاص الذين يقدسون شخصية عبد الكريم منهم وليس التعميم ينتقدون في بعض الأحيان الآخرين لمجرد تقديسهم للأنبياء والرسل، وأضاف قائلاً: “تتهمون الاخرين بالتزوير وانتم تخافون حتى بدراسة محايدة لتاريخنا المعاصر، هل تريدون بناء تلاحم ريفي على حساب التهرب من فتح ملفاتنا التاريخية ودراستها دراسة محايدة، هل تريدون أن نتلاحم على أساس ارتباطنا بالريف أم تريدون أن نتلاحم فقط على أساس شخصية ريفية تاريخية مقدسة لا تقبل اي انتقاد”

وكتاب شملال أيظا “أن أجدادنا كانوا هنا قبل عبد الكريم الخطابي بآلاف السنين لسنا مقرونين بأي شخصية معينة نحن أبناء هذه الأرض من هذا الجانب الذي علينا فعلا أن نتلاحم”.

من جهته قال الناشط بالديار الهولندية جمال الكتابي أن المطالبة بعدم تقديس الاشخاص لا يعني ذلك من جانب آخر أن نتفق على التشهير والتخوين والتسفيه والقتل الرمزي للأفراد بدون دليل ولا مصادر، وخاصة عندما يتعلق الأمر بشخصية من طينة مولاي موحند، مُضيفاً أن “المصادر التاريخية والأبحاث والشهادات تناولت بشكل واسع حياة ومسيرة مولاي موحند من بينها حتى حياته الخاصة. لا بأس أن تثار أمور جديدة حول تجربته التحررية أو حتى الخاصة لكن يجب أن تكون مدعمة بالدليل”، مؤكداً أنه عيب كبير أن يتم الزج بكلام “السوق والعامة” في أمور غاية في الجدية.

الأستاذ عبد الخالق العزيزي رد من زاوية الحياد قائلاً: “التقديس حد الأسطرة و التبخيس حد السخرية من محمد بن عبد الكريم الخطابي وجهان لعملة واحدة، و هما حالتان نفسيتان”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق