منبر الرأي مع د.بلعربي: زلزال الريف وهشاشة الإعلام في المغرب

29 يناير 2016آخر تحديث :
منبر الرأي مع د.بلعربي: زلزال الريف وهشاشة الإعلام في المغرب

سافرت نهاية الأسبوع الماضي إلى المدينة التي عرفت فيها النور، لدواعي عائلية، مكثت في منزل والدتي طول الوقت وكانت عودتي مبرمجة ليوم الإثنين صباحا، في الساعة الرابعة وعشرين دقيقة صباحا فقت على تلك الهزة الأرضية العنيفة التي ضربت سواحل الريف، فبعد أن هدأت الهزة الأولى نزلت إلى الطابق السفلي لأطمن على أمي وباقي أفراد العائلة، لاحظت أن الكثير من الجيران خرجوا الى الشارع بالرغم من البرد القارس خوفا من هزات أخرى.

بالفعل لم تكن بالهزة الوحيدة بل أردفتها أخريات في ذالك الصباح، وتتالت ‘لى حدود هذه اللحظة التي أكتب فيها مقالي هذ، عندما هدأت الأمور نسبيا بعد الهزة الأولى (6,3 على سلم ريشتر) بدأت أبحث في كل الإذاعات الوطنية والأجنبية عن الأخبار حول الزلزال، وكنت حينذاك لا أعلم اذا كان هناك ضحايا أم لا، لم أجد في الساعات الأولى إلا الأخبار التي كانت تُنقل عبر مواقع التواصل الإجتماعي وكانت أغلبها شهادات لأناس عاشوا تلك التجربة.

سكن الذعر والخوف كل الريف وكان الجميع يَتوقُ لسماع أخبارٍ حول الحادث وسماع نصائح من الخبرا، لكن كل ماكان يصل إلينا كانت تذيعه القنوات الإسبانية والتي كانت تحذر أهاليهم في مليلية المحتلة التي اهتزت أيضا من جراء الزلزال.

في الساعة السابعة صباحا أقَلّني أخي في سيارته الى الحدود لأعبر معبر باب مليلية حتى أستقل الباخرة المتوجهة الى الميرية، وفق برنامج سفري الذي كنت قد حددته سابقا، وفي طريقنا مررنا أولا بوسط مدينة الناظور ودهشت بما رأيته من إكتظاظ في الشوارع والأزقة، حيث خرج السكان إلى الشوارع تحسبا أن يقع الأسوء.

نفس الإكتظاظ عاينته وأنا داخل مليلية حيث كانت سيارات الإسعاف والمطافئ والوقاية المدنية تجول المدينة، وأنا في الباخرة رأيت كيف أن خبر الزلزال كان يذاع في الكثير من الإذاعات الإسبانية، مرتكزة فقط على ما حدث في مليلية.

كنت جد مرتبك وخاصة أنني حتى تلك الساعة لم أكن اعلم إذ كان هناك ضحايا أم لا وخاصة في الحسيمة وضواحيها، ولما صلت الى منزلي في المساء وتتبعت الأخبار، حيرني كثيرا ذالك الصمت واللامبالاة التي حلت بإعلامنا بصفة عامة وبقنواتنا التلفزية خاصة، كأنه شيء لم يقع.

مع مرور الوقت وتكرار الهزات، نحمد الله أنها كانت أقل حدة من الأولى، بدأت بعض المواقع الإلكترونية تنقل الأخبار حول الهزات، لكن تبقى جد شحيحة تلك الصادرة عن القنوات الرسمية.

من المستحب في هذه الحالات، كما تعودناه في الغرب، أن تكون قنواتنا الإعلامية يقضة ومرشدة للمواطنين وخاصة أثناء الساعات الاولى بعد حدوث زلزال أو آفة طبيعية، مقدمةً ليس فقط الأخباروالخسائر بل أيضا النصائح والإرشادات عبر خبراء ومختصين سواءاً من أساتذة وباحثين أو مسؤولي الوقاية المدنية.

كانت قنواتنا الرسمية، سواءا الحكومية او الأعلامية، بخيلة الى درجة كبيرة، وهنا أتسائل أما حان الوقت لنهضة إعلامية تكون في مستوى ما ينشد إليه المواطن المغربي؟ وأتسائل أيضا لمذا لا يُحرَّر الإعلام من المركزية المفرطة وفي إطار الجهوية المتقدمة التي دشنت منذ شهور قليلة؟.

مع أن المقارنات دائما ما تكون بغيصة إلا أننا نقارن بين مغربنا وبين الدول التي نقيم فيها بدافع حب الوطن والغيرة عليه.

الحسن بلعربي / أستاذ جامعي وباحث بإسبانيا

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق