منبر الرأي مع ذ الهادي الورتي عن زلزال الناظور و الريف: المخاطر الكبرى ومخطط إدارتها

29 يناير 2016آخر تحديث :
منبر الرأي مع ذ الهادي الورتي عن زلزال الناظور و الريف: المخاطر الكبرى ومخطط إدارتها

image002الورتي الهادي، مفتش التخطيط نيابة الناظور

على إثر الهزات الأرضية العنيفة التي عرفتها منطقة الريف مؤخرا؛ واعتبارا لتاريخ وحاضر ومستقبل هذه المنطقة في هذا المجال؛ ونظرا لما قد تسببه من آثار كارثية خصوصا على مستوى الأرواح البشرية؛ أصبح من اللزوم اتخاذ كافة الإجراءات الاستباقية لتدبير عقلاني لهذا النوع من المخاطر الكبرى وذلك للتقليل من الأضرار وتفادي أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية على وجه الخصوص.

ويعد موضوع تدبير المخاطر الكبرى(Gestion des risques majeurs)  من إحدى مواضيع الساعة والتي تستأثر اهتمامات السياسيين والإقتصاديين والإعلاميين… فقد تبين أن الأقل استعدادا وتأهبا لتدبير هذه المخاطر هو المتضرر الأكبر، ومن الأمثلة المعبرة عن ذلك، الزلزال اللذي ضرب  كل من بام بإيران وسان سيمون  بكالفورنيا في دجنبر 2003 بنفس الدرجة والذي خلف في الأول 27000 ضحية فيما خلف في الثاني ضحيتين فقط.

والخطر الأكبر هو حدث ذو مصدر طبيعي (زلزال، فيضان، انجرافات…) أو بشري (تسرب نووي أوكيميائي، حريق…) يمكن أن يؤدي إلى خسائر بشرية ومادية مهولة، ويتسم باستثنائيته وجسامة أثاره، كما أنه يسبب عادة في كارثة تستوجب حاجيات تفوق الإمكانيات وتتجاوز التأثيرات المتوقعة على العموم قدرات الاستجابة للحاجيات الملحة. ومن هذا المنطلق يعد الإستباق وتهيئ خطط محكمة تنخرط فيها كل الجهات المعنية أدوات حاسمة لتدبير عقلاني لمثل هذه الأزمات بشكل يساعد على التخفيف من آثار هذه الكوارث وذلك إلى أقصى حد ممكن.

وفي هذا السياق، فإن منطقة الريف معرضة بشكل واضح لخطريين كبيرين وهما الزلازل في المقام الأول ثم الفيضانات التي تهدد مواقع محددة ومعروفة؛ وعليه يتوجب علينا الأخذ بعين الإعتبار هاذين المعطيين وعدم إغفالهما في مجالات تدبير المجال والتعمير ومختلف المشاريع التنموية… كما أن إعداد مخططات لتدبير هاذين الخطريين الكبيرين يعد في غاية الأهمية بل وضرورة ملحة وعاجلة.

ومخطط تدبير الخطر الأكبر ھو وثیقة عملیة تصبح رسمية وممأسسة بعد المصادقة عليها؛ ویتم إعدادها وفق مقاربة تقنية وتشاركية من قبل السلطات الإقليمية ومختلف الأطراف المعنية من أجهزة أمنية ووقاية مدنية ومصالح خارجية وجماعات ترابية وهلال أحمر… هدفها العام هو التأھب والاستعداد لمواجھة أي وضعیة طوارئ فجائیة ترتبط بوقوع خطر كبير وذلك من أجل ضمان الأمن و السلامة الإنسانيين والمساعدة على تدبیر الأزمة وتنظیم عملیة توزیع المھام وسرعة ونجاعة الأداء وتنفیذ توجیھات السلطات المختصة.

وبصفة عامة يساعد المخطط المذكور على الإحاطة بمختلف الجوانب المرتبطة بالخطر الكبير وعلى ضمان التنسيق والتحديد الدقيق لمهام كل طرف قبل وخلال وبعد نشوب الأزمة؛ فيتضح من يفعل ماذا؟ أين؟ ومتى؟ وكيف؟ وكم؟ ولماذا؟

(Qui fait Quoi ? Où ? Quand ? Comment ? Combien ? Pourquoi?)

وتتألف الوثيقة المشكلة للمخطط من تشخيص للوضعية أساسه التصاميم والخرائط التي تبين المواقع الاستراتيجية المرتبطة بالماء والكهرباء…والمواقع ذات الخطورة الكبرى والأماكن الصالحة للسلامة والحمایة ومناطق التجمیع ومنھجیة الانسیاب في حالة الإخلاء. كما تحتوي الوثيقة على لائحة شبكة الھواتف والمعلومات الخاصة بالطوارئ والوسائل اللوجيستيكية ومهام كل طرف معني إضافة إلى المراحل العملية لإدارة الأزمة في حالة حدوث كارثة.

وينبغي أن يحظى المخطط بموافقة كافة الأطراف المعنية والمصادقة عليه ليصبح وثيقة رسمية ملزمة للجميع، يتم التعريف بها لتطلع عليه مختلف الجهات المعنية والمجتمع المدني وعموم المواطنين حتى ينصب كل مجهود إضافي في تعزيز مضامين الوثيقة والمساهمة في إدارة الأزمة بشكل ناجع.

كما يعتبر تمرين المحاكاة   (Simulation)في هذا المجال من الأهمية بمكان وذلك من أجل إبراز   مواطن القوة التي يجب استثمار ومواطن ضعف المخطط التي ينبغي تعديلها وتصحيحها.

ويتعين على المعنيين تحيين هذا المخطط كلما دعت الضرورة  إلى ذلك ونشره عبر موقع إلكتروني مخصص لذلك إلى جانب تعليمات ونصائح لعموم المواطنين من أجل اتخاذ التدابير اللازمة لتفادي الأخطار الناجمة عن الكارثة وللتعامل الفعال مع مضامين وإجراءات المخطط. كما يتوجب إنشاء إذاعة محلية تندرج في هذا الإطار وتعمل على نشر  ثقافة الحماية والوقاية من المخاطر الكبرى. و في هذا السياق تعد المدرسة أداة حاسمة لكون التربية على مواجهة المخاطر جزء مهم من التربية على المواطنة.

إن  توفير الحماية والوقاية من المخاطر للمواطنين واجب وطني وحق إنساني تضمنه الأعراف والمواثيق الدولية، وعليه فإن إعداد مخطط لإدارة الأزمة الناجمة عن خطر كبير يعد من الأهمية بمكان لكونه يشكل استباقا وتأهبا لمواجهة طوارئ فجائية وتطويرا لفكرة السلوك المسؤول والتضامني لدى المواطن من أجل التصدي بنجاعة للمخاطر الجماعية وتعزيز الأمن الإنساني.

 

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


لا توجد مقلات اخرى

لا توجد مقلات اخرى

نستخدم ملفات الكوكيز لنسهل عليك استخدام موقعنا الإلكتروني ونكيف المحتوى والإعلانات وفقا لمتطلباتك واحتياجاتك الخاصة، لتوفير ميزات وسائل التواصل الاجتماعية ولتحليل حركة الزيارات لدينا...لمعرفة المزيد

موافق